أزمة كورونا تبرز مجددا مخاطر استفراد آل سعود بإدارة الحرمين
تبرز أزمة انتشار فيروس كورونا وما اتخذته سلطات آل سعود من إجراءات بوقف العمرة مخاطر استفراد النظام في إدارة الحرمين بدون أي استشارة للدول الإسلامية.
وأفاد تلفزيون الإخبارية الرسمي اليوم الجمعة أن سلطات آل سعود أعادت فتح مسجد الحرام في مدينة مكة والمسجد النبوي في المدينة بعد إغلاقهما لتعقيمهما بهدف وقف تفشي فيروس كورونا المستجد.
وكانت المملكة أغلقت الحرمين أمام الحجاج الأجانب والسياح من نحو 25 دولة لوقف انتشار الفيروس. كما قالت إن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي والمقيمين هناك الذين يودون دخول البلاد عليهم الانتظار 14 بعد العودة من خارج المنطقة.
ولم يتضح من تقرير الإخبارية إن كان سيسمح للزوار بالعودة إلى الموقعين.
وبعد قرارها منع المعتمرين من الوصول إلى المواقع الإسلامية المقدسة لاحتواء فيروس كورونا المستجد، تجد المملكة نفسها في موقف قد يكون محفوفا بالمخاطر من الناحية السياسية ولو أنه ضروري بالنسبة لتدابير الوقاية.
قررت المملكة تعليق العمرة التي يمكن تأديتها على مدار العام بسبب مخاوف من وصول الوباء إلى مكة والمدينة، ما يطرح تساؤلات بصدد موسم الحج المقرر في تموز/يوليو.
قد يشكل الحج، الذي يشهد توافد ملايين الاشخاص على مواقع دينية تكتظ بهم ما يمكن أن يسهل انتقال العدوى.
ويأتي تعليق العمرة حاليا في إطار اجراءات احترازية اتخذت في كافة دول الخليج، بعد الغاء التجمعات الجماهيرية، من الحفلات الموسيقية إلى الأحداث الرياضية.
مع هذا، فإن المسألة تشكل تحديا بارزا محتملًا في منطقة مضطربة حيث تخاطر بإثارة المتشددين المتطرفين الذين يرون الدين مقدّماً على الاعتبارات الصحية والمسلمين المتدينين الذين يعتبرون الحج شعيرة لا يمكن إلغاؤها.
وتعاني المملكة بالفعل من تراجع أسعار النفط في شكل كبير، وهي تخاطر الآن أيضًا بخسارة مليارات الدولارات التي تكسبها سنويا من عوائد السياحة الدينية مع فرض قيود على زيارة مكة والمدينة.
وأدّى 18,3 مليون شخص مناسك العمرة في العام 2018، بحسب الأرقام الرسمية في المملكة.
وسلطت إدارة الرياض للأزمة أيضا الضوء على الدور السعودي كراع للأماكن المقدسة، وهي أحد أركان شرعيتها السياسية.
وقالت ياسمين فاروق الباحثة في مركز “كارنيغي” إن الاضطرابات الناجمة عن فيروس كورونا منحت نقاد وخصوم المملكة الإقليميين ذخيرة جديدة “لإثارة تساؤلات حول سيطرة السعودية على أقدس المواقع الإسلامية”.
وأفادت فاروق أن وسائل الإعلام الحكومية التابعة لنظام آل سعود نشرت سلسلة من التأييدات من قبل هيئات إسلامية، من المفتي العام في نيوزيلندا إلى ماليزيا ودول اخرى، ما يشير إلى “قلق الرياض من إمكانية تسييس هذه الخطوة واستخدامها ضدها”.
وسعى المراقبون المؤيدون للسعودية إلى توجيه التركيز إلى خصوم المملكة، حيث أثار البعض على وسائل التواصل الاجتماعي السخرية بعد أن وصفوا الفيروس بأنه من “عمل قطر” أو مؤامرة من جانب إيران.
ولم تعقب سلطات آل سعود على ما جرى تداوله.
وهناك تخوف من أن قرارها قد يشعل النقاش السياسي في العالم الإسلامي حول ما إذا كان ينبغي أن تكون (السعودية) السلطة الوحيدة المسؤولة عن الحج والمدينتين المقدستين” في إشارة لمكة والمدينة.
وتبدو المملكة حذرة بالفعل من رد فعل محافظ محتمل من نهج تحديث ليبرالي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان، وشهدت السماح بفتح دور السينما وإقامة حفلات موسيقية والتغاضي عن الاختلاط بين الجنسين، وهي سلوكيات كانت تعتبر مخالفة للدين حتى أشهر قليلة.
وقالت المملكة إن القيود المفروضة على العمرة مؤقتة، لكنّ ذلك تم دون تواصل جيد مع العديد من المعتمرين الذين يتحملون قوائم انتظار طويلة ويستثمرون مدخراتهم للقيام بالرحلة الدينية.
وناشدت السفارة الإندونيسية في الرياض السلطات السعودية للسماح لمواطنيها بالمضي قدما في خططهم لاداء العمرة، بعد أن أعرب الكثيرون عن خيبة أملهم من القرار السعودي.
وتشكل السياحة الدينية، موردا حيويا للمملكة وسط الجهود الحالية للابتعاد عن الارتهان بالنفط، حيث توفر 12 مليار دولار للاقتصاد سنويا، وفقا للأرقام الحكومية.
وقالت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” المالية إن تأثيرات تقليص العمرة ستكون “كبيرة”، خاصة خلال فترة شهر رمضان المبارك الذي يبدأ في نيسان/أبريل، والتي يُنظر إليها على أنها فترة مباركة للقيام بالعمرة.
وقالت الشركة الاستشارية “ربما يكون التأثير الأكبر محسوساً إذا تم تمديد القيود حتى نهاية تموز/يوليو عندما يبدأ الحج الذي يمثل حوالي ربع إجمالي الزوار الأجانب سنويا”.
وتعاني المملكة من ضغط الموازنة بفعل الحجز الحاصل فيها لأن انخفاض أسعار النفط يجعل من الصعب تمويل خطة الحكومة الطموحة لتنويع الاقتصاد. وقال مصدر حكومي “تم ابلاغ الوزارات السعودية بضرورة حساب كل قرش ينفقونه”.