أكدت صحيفة “فزغلياد” الروسية أن حرب أسعار النفط العام التي أطلقتها المملكة خلال الشهور الأولى من العام 2020 بهدف إلحاق الضرر بخصومها، أعادت بنتائج سلبية على المملكة واقتصادها وقطاعاتها المختلفة.
ووصفت “فزغلياد” في تقرير نشرته حول المشاكل الاقتصادية والسياسية الحادة التي تعاني منها المملكة، قرار الأخيرة حول حرب أسعار النفط العام “غير مدروس”، وتوقعت في الوقت ذاته “قادم أسوأ للملكة”.
وقالت إن سلطات آل سعود تجنى حاليا ثمار ما فعلته عندما أغرقت السوق العالمي بالنفط.
واستدركت: النتائج بدت للوهلة الأولى في صالح المملكة، فقد كان الغرض من خفض الأسعار هو استهداف المنافس الرئيسي في سوق النفط العالمية، الولايات المتحدة، والأهم من ذلك عدم الخضوع لأي سقف صادرات في سوق النفط العالمي.
وأوضحت أن موجة انخفاض الأسعار التي تسببت فيها المملكة أدت إلى إغلاق العديد من المنصات النفطية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعل المملكة تتبوأ مجددا المركز الأول عالميا في تصدير النفط.
وصدرت المملكة في نيسان/ أبريل المنصرم قرابة 11 مليون برميل يوميا إلى الأسواق الأجنبية، في حين أن الولايات المتحدة صدرت 8.6 ملايين برميل فقط.
وأكدت الصحيفة أنه رغم انتهاء حرب الأسعار، ما زالت التوقعات فيما يتعلق بإنتاج النفط الصخري الأمريكي متشائمة.
ويرى مراقبون أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة في السنوات القادمة قد ينخفض بمقدار الثلث أو ما يقرب من النصف، وهذا يعني أن الصادرات ستنخفض أكثر فأكثر.
وذكرت “فزغلياد” أن تراجع صناعة النفط في الولايات المتحدة لا يعني عودة الصادرات السعودية إلى السوق الأمريكي إلى معدلاتها السابقة، فإذا كانت المملكة قد زودت الولايات المتحدة في نيسان/ أبريل المنصرم بنحو 1.3 مليون برميل يوميا، فعند النصف الأول من حزيران/ يونيو، تراجع المعدل اليومي إلى حوالي 133 ألف برميل نفط.
وبحسب الصحيفة، فإن هذا الانخفاض في صادرات النفط السعودي إلى الولايات المتحدة فرضته واشنطن، ولم يكن قرارا سعوديا.
وحتى العلاقة القوية بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترامب لم تسهم في إعادة الأمور إلى نصابها، إذ تبقى المصالح الأمريكية وانتعاش قطاع النفط الصخري هي الأهم بالنسبة للرئيس الأمريكي.
وأشارت إلى أن الحرب النفطية التي أشعلها محمد بن سلمان مع روسيا ودول أخرى، بدأت تلقي بظلالها السلبية على المشاريع الطموحة بـ”الدب الداشر”.
وكان ولي العهد السعودي قد سوّق لصورته في الغرب عبر “رؤية 2030” التي كانت تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، من خلال تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق ومشاريع عملاقة رُصدت لها استثمارات بقيمة تريليون دولار، بالإضافة إلى الترويج إلى الانفتاح الثقافي والاجتماعي.
وطرحت الصحيفة الروسية التساؤلات والشكوك حول روية ولى العهد “2030”، وبحسب لنتائج الربع الأول من 2020، انخفضت أرباح شركة أرامكو السعودية بنسبة 25 بالمائة تقريبا، لتصل إلى 16.6 مليار دولار.
وقالت الصحيفة إن “القادم يبدو أسوأ بالنسبة للمملكة بسبب أزمة النفط وانخفاض رصيد العملات الأجنبية”.
وبحلول آيار/ مايو المنصرم، بقي حوالي 450 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي في خزينة المملكة، بعد أن أنفقت خلال الشهرين السابقين حوالي 10 بالمائة من احتياطياتها.
وأضافت الصحيفة أن جائحة كورونا مثّلت تحديا إضافيا للاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية، حيث تضررت كل القطاعات تقريبا، وهو ما اضطر المملكة إلى ضخ الكثير من الأموال من أجل إنعاش القطاعات الأكثر تضررا.
واعتبرت أن مشاكل اقتصاد المملكة قد لا تتوقف عند هذا الحد، بعد أن أعلنت الحكومة إمكانية إلغاء موسم الحج، كما تشير التقديرات إلى احتمال تخفيض العمالة الأجنبية في المملكة بحوالي النصف.
وأشارت إلى أنه من المنتظر أن تؤدي أزمة أسعار النفط وانخفاض الدخل وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي والمشاكل الجيوسياسية إلى حالة من الارتباك داخل المملكة.
وخلصت الصحيفة الروسية إلى أن السبب الرئيسي فيما تمر به المملكة من أزمات “هو رغبة ولي العهد محمد بن سلمان في تحدي الدول الكبرى”.
وسبق أن توقع موقع أميركي أن تنهار سلطات آل سعود كليا في أية حرب نفطية قادمة، بعدما أثارت حربين خلال العقد الماضي وأسفرتا عن خسارتهما.
وقال موقع “أويل برايس” الأميركي إن المملكة أثارت حربين لأسعار النفط خلال العقد الماضي وخسرتهما، عازيا ذلك إلى أنها لم تكن قادرة على التعلم من دروس الماضي.
ورجح الكاتب سايمون واتكينز في مقاله الذي نشره “أويل برايس”، أن تلجأ المملكة لإثارة حرب نفطية ثالثة. مستدركا إن سلطات آل سعود خلقت لنفسها قيدا سياسيا واقتصاديا سيكون نتيجته عملية إفلاس حقيقية.
ورأى واتكينز أن هدف المملكة في كلا حربي النفط الأخيرتين، صناعة النفط الصخري الأمريكي. ففي الحرب الأولى التي امتدت ما بين 2014- 2016 كان الهدف هو منع تطور صناعة النفط الصخري من خلال زيادة الإنتاج وخفض أسعار النفط بطريقة تدفع هذه الشركات للإفلاس، حتى لا تمثل تهديدا للهيمنة السعودية على سوق النفط العالمي في تلك الفترة.
أما في الحرب الأخيرة مارس/ آذار 2019 حتى مارس/ آذار 2020 والتي انتهت قبل فترة، كان الهدف ذاته، وبهدف إضافي، وهو منع شركات النفط الصخري الأمريكية من الحصول على عقود إمداد للنفط التي لم تكن المملكة قادرة على الحصول عليها لالتزامها باتفاق “أوبك زائد” الذي حدد مستويات الإنتاج.
ويتوقع عدد من المحللين تراجع مجمل الناتج المحلي للسعودية هذا العام بنسبة 3 في المائة، وهو أول انكماش منذ عام 2017، والأعلى منذ عام 1999، فيما سيزيد العجز بالميزانية بنسبة 15 في المائة من مجمل الناتج الاقتصادي.
وأظهرت بيانات إحصائية، خسارة المملكة لأسواق الصين، لتصيح روسيا أكبر مصدر للنفط العام خلال إبريل/ نيسان المنصرم.
وتخطت روسيا السعودية لتصبح أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين في إبريل/ نيسان، حسب ما أظهرته بيانات الجمارك، إذ ارتفعت الصادرات 18 في المائة عنها قبل عام مع اقتناص شركات التكرير للمواد الخام بأسعار رخيصة وسط حرب أسعار بين المنتجين.