بطش بن سلمان بمعتقلي الرأي يكشف هوسه بالقمع والانتقام
يعاني ولي العهد محمد بن سلمان من هوس الانتقام من مخالفيه, فلا يتعامل معهم بعقلية رجل الدولة, وإنما بتوحش وتنكيل وعدم رحمة في الاجرام.
سبق أن أمر بن سلمان بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي لمجرد أنه انتقده, وقتل وسجن دعاة وأكاديميين تعذيبا لمجرد تغريدة انتقدوه فيها.
كما عذب لجين الهذول لكي لا ينسب فضل قيادة المرأة بدلا عنه, واعتقل الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان غيرةً منه, وأخفى الكاتب تركي الجاسر قسريا لنشاطه في تويتر.
أبن سلمان مهوس في الاعتقال والتنكيل والبطش والتعذيب والنشر بالمنشار.
ومنذ توليه مقاليد ولاية العهد في السعودية عقب إزاحته ابن عمه الأمير محمد بن نايف في انقلاب أبيض في يونيو/ حزيران 2018، بدأت السلطات السعودية، وتحديداً الأجهزة الأمنية التابعة بشكل مباشر لمكتب ولي العهد، وعلى رأسها جهاز أمن الدولة الذي أسس حديثاً، بشنّ حملات اعتقال تعسفية.
طالت حملات الاعتقال الناشطين السياسيين والاجتماعيين والحقوقيين من مختلف التيارات بالإضافة إلى الأمراء المنتمين للأسرة الحاكمة الذين قد يمثّلون مصدر تهديد محتمل لبن سلمان، وشيوخ القبائل ورجال الأعمال الذين صادرت السلطات الجزء الأكبر من ثرواتهم.
وبدأت الحملات القمعية في سبتمبر/ أيلول 2017. حينها شنّ ولي العهد هجوماً حاداً على رجال الدين والأكاديميين المنتمين لـ”تيار الصحوة”، أكبر التيارات الدينية في السعودية.
وفي غضون أيام قليلة فقط، ألقي القبض على المئات منهم وأودعوا في السجون، في ظروف غير معروفة ومن دون توجيه اتهامات لهم.
وعقب ذلك شن بن سلمان حملة عنيفة ضد أبناء عمومته الأمراء ورجال الأعمال وشيوخ القبائل, وأودعهم في فندق الريتز وسط الرياض, وحوله إلى سجن لهم بهدف تحجيم نفوذهم السياسي ومصادرة ثرواتهم.
وعلى الرغم من انتقاد هيئات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني حول العالم هذه الاعتقالات, فإن بن سلمان وجد من خلال المقابلات التي أجراها مع الصحف الغربية, فرصة كبيرة للترويج لنفسه عبر هذه الاعتقالات.
وأكد أن هؤلاء المعتقلين كانوا يمنعون التطور ويردون العودة بالسعودية لعصر الصحوة الديني, وهو التيار الذي دعمته الأسرة الحاكمة في ثمانينيات القرن الماضي لتعزيز نفوذها في المنطقة.
لكن قيام ولي العهد بعد ذلك بشنّ حملة شرسة في مايو/ أيار 2018 ضد الناشطات النسويات والناشطين الحقوقيين الليبراليين، واتهامهم بالخيانة العظمى والتآمر مع جهات خارجية، وشنّ حملة إعلامية ضخمة عليهم.
وورود تقارير تثبت تعرض الناشطات للضرب والتعذيب والاعتداء الجنسي والحرمان من أبسط مقومات الحقوق الإنسانية، أدى إلى قيام الحكومات الغربية بممارسة بعض الضغوط ضد السلطات السعودية، غير أنها لم تكن كافية.
قلبت جريمة قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 الأمور، لا سيما بعدما تكشفت تفاصيل الجريمة تباعاً، بما في ذلك أنها تمت على يد فريق اغتيالات تابع لولي العهد، وبتوجيه مباشر من المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني ونائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق أحمد عسيري (قالت الرياض إنهما أقيلا من منصبيهما عقب الجريمة، ولكن المعطيات تؤكد كذب هذه الرواية على الأقل في ما يتعلق بالقحطاني)، وقيام فريق الاغتيال بتقطيع جثة خاشقجي وإخفائها، بسبب مواقفه العلنية التي تطالب بالإصلاح.
وفي صيف 2018 شُكلت فرقة مكونة من 50 سعودياً, مهمتها اغتيال المعارضين, بحسب ما قاله مصدر موجود في السعودية, ويذكر ان الاشخاص ال15 المشتبه بهم في مقتل خاشقجي كانوا جزء من هذا الفريق واسمه فريق النمر.
ونقلاً عن مصدر سعودي على معرفة وثيقة بأجهزة المخابرات في بلاده, عن وجود فرقة اغتيالات تعمل تحت توجيه وإشراف ولي العهد السعودي, تعرف بفرقة النمر, وتتألف من 50 من أفضل الشخصيات المخابراتية والعسكرية بالسعودية.
تتشكل الفرقة من فروع مختلفة من الأجهزة الأمنية ومن كافة الخبرات, وجميع من فيها أعضاء موالون لولي العهد الذي يختارهم من بين الأكثر ولاء والأجدر بالثقة بمفرزته الأمنية, ولم يكن مقتل خاشقجي أول ضحايا هذه الفرقة, فقد استهدفت أول عمليها لها الامير منصور بن مقرن نائب أمير عسير, ونجل ولي العهد السابق بإسقاط مروحيته في نوفمبر/ 2017 في جنوب المملكة, فيما اعتبر رسالة واضحة لبقية أمراء المملكة.
في موازاة ذلك، كانت قد بدأت تتسرب منذ أشهر، للوكالات العالمية، أنباء عن تعذيب الناشطات وضربهن والتحرش الجنسي بهن بحضور المستشار الملكي وأحد المتورطين في مقتل خاشقجي، سعود القحطاني، والذي هدّد الناشطة الحقوقية لجين الهذلول بالقتل والتحرش.
كذلك تسربت أنباء عن قيام السلطات بتعذيب ناشطة أخرى وهي إيمان النفجان من خلال الاعتداء المتكرر عليها بالضرب فضلاً عن التحرش الجنسي بها وتصويرها وهي عارية.
لكن السلطات السعودية استمرت بالمكابرة، وأكدت أنها ستستمر بمحاكمة المعتقلين وفق القوانين السعودية وأنها ستوقع العقوبات بحقهم، واعتبرت أن مطالبتها بإطلاق سراح المعتقلين “أمر مشين”.
وجاء تسريب التقرير بعدما كان القضاء السعودي قد عقد في 27 مارس/ آذار الماضي، الجلسة الثانية من محاكمة الناشطات في المحكمة الجزائية في الرياض، وأحضرت الأجهزة الأمنية جميع المتهمات، ومن بينهن لجين الهذلول، التي قالت لعائلتها إنها تعرضت لتعذيب وحشي على يد محققين بإشراف المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني.
وقدّمت ناشطات معتقلات، وجهت لهن اتهامات تتعلق بعملهن في مجال حقوق الإنسان، والاتصال بصحافيين ودبلوماسيين أجانب بعد أن كنّ واجهن في الجلسة الأول اتهامات تتمثل في “التواصل مع جهات وقنوات إعلامية معادية، وتقديم دعم مالي لجهات معادية خارجية، وتجنيد أشخاص للحصول على معلومات تضر بمصلحة المملكة”، لوائح دفاعهنّ أمام القاضي خلال جلسة المحاكمة، واتهمن المحققين بصعقهن بالكهرباء وجلدهن وملامستهن وهنّ قيد الاعتقال.
ويعلّق الناشط السعودي المعارض يحيى عسيري، على الخطوات الأخيرة للسلطات السعودية، قائلاً إن “الإفراج عن بعض المعتقلين والوعود بالإفراج عن لجين الهذلول وبقية المعتقلات، ما هي إلا خطوة مناورة من السلطات السعودية لامتصاص الضغوط الغربية الشديدة، ولا يمكن لأحد التصديق بأن المستبد مستعد للتخلي عن طغيانه لأجل أحد”.