قالت صحيفة غارديان البريطانية إن ولي العهد محمد بن سلمان ساهم في إنقاذ الرئيس السوري بشار الأسد وإبقاء نظامه على رأس الحكم عبر دعم التدخل الروسي في الأراضي السورية.
وذكرت الصحيفة أن التغيير الكامل للسياسة السعودية تجاه سوريا من قبل بن سلمان في 2015 أغضب الأميركيين في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ووصفت موافقة ولي العهد على التدخل الروسي العسكري في سوريا بأنه كالقنبلة.
وكرست الصحيفة في تقريرها لتناول الدعوى التي رفعها مسؤول المخابرات السعودي السابق سعد الجبري أمام القضاء الأميركي ضد محمد بن سلمان وآخرين بتهمة السعي لقتله.
وأشارت إلى قول الجبري إن نقله لغضب الإدارة الأميركية من مدير المخابرات المركزية الأميركية “سي آي إيه” (CIA) جون برينان إلى بن سلمان في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2015 “خلال اجتماعين مع برينان”، أثار غضب بن سلمان ضده وكلفه منصبه كثاني أقوى المناصب الاستخباراتية في المملكة ودوره كضابط اتصال مع سي آي إيه.
وذكرت أن بأن بن سلمان دعا روسيا سرا للتدخل في سوريا في وقت كان فيه بشار الأسد قد أوشك على السقوط، يعتبر كالقنبلة المتفجرة، لأن السعودية كانت تدعم ظاهريا المعارضة السورية المسلحة المناهضة للأسد، وأدى القصف الروسي للمدن التي يسيطر عليها المعارضون منذ ذلك الحين إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين السوريين.
وأوردت الصحيفة أن مبادرة دعم المعارضة السورية المسلحة جاءت من ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف والجبري بدعم من المخابرات المركزية الأميركية، وكانت تُعرف بـ”غرفة الرياض” لأن ممثلي الدول المشاركة فيها كانوا يجتمعون في بناية في الحي الدبلوماسي بالعاصمة السعودية الرياض.
وأضافت أن “غرفة الرياض” حققت نجاحا في فرض بعض الانضباط والنظام على الدعم الغربي الخليجي للقوى المعارضة للنظام السوري في 2014، لكن ذلك النجاح تبدد في ربيع وصيف 2015 مع صعود محمد بن سلمان في سلم السلطة السعودية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفي يونيو/حزيران 2015، التقى محمد بن سلمان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سانت بطرسبورغ، وأعلنا عن إبرام العديد من اتفاقيات التعاون في النفط والطاقة النووية، لكن، ووفقا للجبري، فإنهما ناقشا دخول القوات الروسية في الحرب السورية.
وعندما سمعت (CIA) بهذه النقاشات، طلب برينان من الجبري أن يلتقيا بشكل عاجل في العاصمة الإيرلندية دبلن -منتصف الطريق تقريبا بين واشنطن والرياض- في يوليو/تموز من ذلك العام لإيصال الغضب الأميركي.
وقال مصدر على اطلاع باجتماعات الرجلين إن أميركا كانت متأكدة من أن الضربة القاضية ضد الأسد كانت وشيكة الوقوع، وأن بن سلمان منحه قبلة الحياة.
ونسب إلى الجبري قوله إنه عندما نقل الغضب الأميركي إلى مجلس الأمن القومي السعودي، غضب محمد بن سلمان منه، واعتبر ذلك تحديا لسلطته، وبدأ منذ تلك اللحظة في العمل على طرد الجبري من منصبه يوم 10 سبتمبر/أيلول 2015، أي قبل أقل من ثلاثة أسابيع من بدء الغارات الروسية على سوريا.
وظل الجبري مستشارا لمحمد بن نايف حتى مغادرته (أي الجبري) المملكة نهائيا في مايو/أيار 2017، قبل شهر واحد من خلع رئيسه بن نايف من ولاية العهد السعودية واختيار محمد بن سلمان مكانه.
وقالت الغارديان إن ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد هو الذي أقنع محمد بن سلمان بالاستيلاء على منصب ولي العهد، وتشجيع موسكو على التدخل العسكري في سوريا، بحجة أن بشار الأسد إذا غادر السلطة فسيخلفه الإخوان المسلمون، وهم الأخطر على الحكومات في الخليج، وفقا لوجهة نظر بن زايد.
ونسبت الصحيفة البريطانية إلى دبلوماسي غربي سابق في الشرق الأوسط قوله إن تضمين المعلومات التي يزعمها الجبري حول بن سلمان وبوتين والتدخل الروسي في سوريا بصلب الدعوى القضائية، قصد الجبري منه إرسال رسالة لبن سلمان بأنه لا ينوي التراجع حتى إذا اعتقل أبناءه، ولديه من المعلومات المدمرة لبن سلمان إذا استمرت هذه الاعتقالات.
ومع ذلك، ورغم أن مزاعم التواطؤ مع موسكو تضر بولي العهد السعودي، فإن معظم الدبلوماسيين الغربيين، كما يقول التقرير، على قناعة بأن روسيا كانت ستدخل الحرب في سوريا دون تشجيع سري من الأمراء السعوديين والإماراتيين.
وقال الدبلوماسي الغربي السابق “لا أعتقد أن بوتين قد أهتم بما يريده السعوديون والإماراتيون بشكل أساسي، لكنه من المؤكد قد استمتع برغبتهم في دخول الروس الحرب بسوريا، لأن ذلك كان بمثابة ضربة قوية لأميركا”.
يذكر أن خالد الجبري، نجل ضابط الاستخبارات السعودي، يطالب بين الحين والآخر سلطات بلاده بكشف مصير شقيقيه المعتقلين في المملكة.
وتأتي هذه المطالبات بعد الدعوى التي رفعها والده، الأسبوع الماضي، في المحاكم الأمريكية ضد بن سلمان ومقربين منه بتهمة محاولة اغتياله في مناسبتين.
وفي الدعوى التي رفعها أمام محكمة واشنطن الفدرالية، اتهم الجبري ولي العهد السعودي بأنه أرسل فرقة “النمر” لاغتياله في كندا بالطريقة نفسها التي تمت بها تصفية الصحفي جمال خاشقجي يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018 داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية.
وتؤكد الدعوى أن ولي العهد السعودي سعى أيضا إلى اغتيال الجبري في مدينة بوسطن الأميركية، التي كان يقيم فيها قبل أن يلجأ إلى كندا.
وأصدرت محكمة واشنطن الفدرالية أوامر استدعاء قضائية بحق محمد بن سلمان و13 شخصا آخرين للرد على اتهامات سعد الجبري لهم بمحاولة اغتياله، وبالإضافة إلى ولي العهد تستهدف الدعوى مقربين منه بينهم سعود القحطاني وأحمد عسيري وبدر العساكر.