تقلق جرائم نظام آل سعود داخليا وخارجيا وكالة الاستخبارات الأمريكية التي حددت مهامها المتجددة ترقبا لولاية الرئيس المنتخب جو بايدن والتغييرات التي سيحدثها في التعامل مع دول انتهاكات حقوق الإنسان.
وسيجد النظام السعودي نفسه بعد أقل من 50 يوما، أمام مهام جديدة لوكالة الاستخبارات الأمريكية التي ستضع الرئيس بايدن أمام أهم التحديات في الشرق الأوسط عامة، وجرائم النظام السعودي خاصة.
وفي تقرير جديد صدر عن الاستخبارات الأمريكية، تصدرت السعودية قائمة الاهتمامات الخارجية للوكالة في المرحلة المقبلة.
ويتضح من التقرير أن هناك أربع ملفات تضع السعودية في صدارة اهتمامات الاستخبارات الأمريكية التي أصبحت متوافقة مع البيت الأبيض ومجلس النواب لأول مرة في الأربع سنوات الأخيرة بعد انتخاب “جو بايدن”.
وجاء من ضمن التحديات: ملف الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، وضابط الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري. وهناك قضايا داخل المحاكم الأمريكية تتعلق بهما.
وتوعد بايدن خلال حملته الانتخابية، بوقف الحرب السعودية على اليمن، وكشف قتلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصيلة بلاده في اسطنبول 2018م، كما وعد بوقف جرائم آل سعود بحق النشطاء الحقوقيين والناشطات في سجون المملكة.
وفي نوفمبر الماضي، أعادت أرملة الصحفي السعودي، قضيته الإنسانية في الأروقة والمحاكم الأمريكية، عقب دعوى قضائية رفعتها مؤخرا في محكمة أمريكية بالعاصمة واشنطن.
وتتهم المواطنة التركية “خديجة جنكيز”، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بإصدار أمر قتل خاشقجي وتحاول إدانته على ذلك في الأروقة والمحاكم الأمريكية.
وتدعى منظمة “الديمقراطية الآن في العالم العربي” التي أسسها خاشقجي قبل اغتياله، على المتهمين، التسبب بتعطيل نشاطاتها، وتوجه اتهامات لولي العهد بإصداره أوامر القتل بهدف وقف ترويج خاشقجي عبر منظمته للديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي.
ويعتقد المندوب السابق للولايات المتحدة في مجلس حقوق الإنسان الأممي، أحد الشركاء في شركة “جينر آند بلوك” للمحاماة السفير كيث إم هاربر، أن فرص نجاح الدعوى القضائية في الأروقة الأمريكية “كبيرة جدا”.
وترتبط قضية مقتل خاشقجي بالولايات المتحدة بشكل أو بآخر، حيث كان خاشقجي مقيم على أراضيها ويكتب في صحيفة “واشنطن بوست”.
وأقامت شركة “جينر آند بلوك” للمحاماة، بالنيابة عن خديجة جنكيز، ومنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN)، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، دعوى قضائية ضد ولي العهد السعودي و28 شخصا أمام محكمة أمريكية بواشنطن.
وتتهم “جنكيز”، ولي العهد بإصدار أمر قتل خاشقجي، وهي التهمة التي تنفيها السعودية رسميا، وتقول في الدعوى إنها تعرضت لخسائر مالية وألم شخصي بسبب حادثة الاغتيال.
ووفقا لصحيفة “واشنطن بوست”، فإن فريق محاماة “جنكيز” تحدثوا لها بأن الدعوى القضائية تهدف إلى “تحميل ولي العهد عبر المحكمة الأمريكية المسؤولية المباشرة عن مقتل خاشقجي”.
وتهدف للحصول على وثائق للاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة ما جرى، انطلاقا من الثقة التي تضعها “جنكيز” في نظام العدالة الأمريكي لتحقيق قدر من العدالة والمساءلة.
ويرى السفير كيث إم هاربر، أن فرص نجاح الدعوى القضائية “كبيرة جدا”.
ووجه هاربر انتقادات لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأنها “لم تحاسب المتورطين في قتل خاشقجي، بل تفاخر ترامب بمساعدة محمد بن سلمان بعد مقتل خاشقجي”.
ومنذ حادثة الاغتيال، حرص ترامب على إبقاء العلاقات مع السعودية قائمة وعدم الإضرار بها أو بعلاقته مع ولي العهد الحاكم الفعلي للسعودية.
ووفقا للتقرير الأمني الأمريكي، فإن السعودية والإمارات تأتيان على رأس أولويات مجتمع الاستخبارات الأمريكية، حيث تم تصنيف كلا من الدولتين الخليجيتين في التقرير باعتبارهما مصدر قلق، وذكرت السعودية 33 مرة في التقرير و18 مرة الإمارات.
في حين تم ذكر إيران أربع مرات وقطر مرة واحدة فقط كضحية للخطر الإقليمي.
وأما قضية الجبري، فكانت آخر التطورات مطلع نوفمبر الماضي، بعدما وافقت محكمة أمريكية على رفع السرية عن جميع المستندات الخاصة بقضية المستشار الأمني السعودي السابق سعد الجبري، التي أقامها ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأفادت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية بأن القاضي في المحكمة الفدرالية في العاصمة واشنطن، وافق على طلب “الجبري” برفع السرية عن مستندات القضية.
وكان الجبري، تقدم بالطلب إلى المحكمة في 29 أكتوبر، للكشف عن وثائق متعلقة بقضيته، ووثائق سرية يرى أنها تتضمن “أدلة وادعاءات” على تواطؤ ولي العهد السعودي في محاولة خطفه وتعذيبه وقتله.
وأرسلت محكمة أمريكية، مذكرات استدعاء لـبن سلمان، و9 سعوديين آخرين، بالإضافة لمؤسسة “مسك” الخيرية، في دعوى “الجبري”.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهما إن التحركات القضائية الأخيرة تأتي في وقت حساس بالنسبة للعلاقات الأمريكية السعودية، ما يهدد بالتدقيق المستمر في حكم “بن سلمان” الاستبدادي، حيث سبق أن أدان العديد من الديمقراطيين وبعض المشرعين الجمهوريين الكارثة الإنسانية الناتجة عن الحرب الأهلية التي تدعمها السعودية في اليمن.
ونقلت الصحيفة عن “بروس ريدل”، وهو مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ويعمل الآن في معهد بروكينجز، أنه مع احتمال عدم فوز الرئيس “دونالد ترامب” في الانتخابات الأمريكية، فإن السعوديين يدركون في وقت متأخر، أنهم سيواجهون واشنطن أكثر عدائية مما كان عليه الحال في السنوات الأربع الماضية، وربما أكثر عدائية من أي وقت مضى.
وأضاف “ريدل”، الذي عمل مع أجيال من القادة السعوديين منذ انضمامه إلى وكالة الاستخبارات في عام 1977: “المخاطر هنا (واشنطن) عالية جدا بالنسبة للسعودية.. هذه الدعاوى القضايا سوف تذكر الناس فقط بنمط من الجهود السعودية لترهيب إن لم يكن قتل منتقدي النظام”.
وتابع: “من الصعب التفكير في شيء يمكن فعله من شأنه إرضاء منتقدي السعودية وبن سلمان في الولايات المتحدة الآن.. وإذا رحل ترامب فإنهم سيفقدون حاميهم”.
وهذه هي المرة الأولى التي يقيم فيها مسؤول كبير سابق دعوى ضد ولي العهد.