اتهمت الناشطة والكاتبة اليمنية بشرى المقطري، سلطات آل سعود، بتحويل بلادها لأرض بلا سيادة، ولساحة من الصراع الإقليمي.
وتطرقت المقطري، في مقالها تحت عنوان “اليمن .. دورة جديدة من الصراع الإقليمي”، حول إعلان الخارجية الإيرانية تعيين حسن إيرلو سفيرا في صنعاء، معتبرة ذلك منعطفا جديدا في سياق الصراع الإقليمي السعودي – الإيراني في اليمن.
وقالت إنه إضافة إلى تبعات دخول إيران رسمياً في الساحة اليمنية، حليفا إقليميا وداعما رئيسا لوكيلها المحلي، جماعة الحوثي، وانعكاس ذلك على مسارات الحرب في اليمن، فإن ذلك قد يدفع الصراع الإقليمي بين إيران والعربية السعودية، قائدة التحالف العربي في اليمن، إلى مستوىً أعلى، في ظل تشاركهما المجال اليمني، فيما يمثل أيضا انكشافاً سياسياً للسعودية.
واستدركت إنه في حال صحة أخبار دخول السفير الإيراني من دون معرفة السعودية، إذ إنه يضع قدرتها الأمنية والاستخباراتية، بما في ذلك إدارتها الأجواء اليمنية، ست سنوات من الحرب، موضع تساؤل عن جدوى الإجراءات التقيدية، وحالة الحصار الخانقة التي لا تستهدف سوى اليمنيين.
في المقابل، فإن جماعة الحوثي، وإن حققت مكسباً سياسياً بالتمثيل الدبلوماسي الإيراني في صنعاء، بما في ذلك الاعتراف بسلطتها، وكذلك تطوير علاقتها بحليفها الإقليمي، فذلك قد تكون له ارتدادات سلبية على الجماعة على المدى البعيد.
وأضافت المقطري: امتداد سنوات الحرب السابقة، اتخذ الصراع السعودي – الإيراني في اليمن تحولات عديدة رافقت مسارات الحرب، وإن أتى بصبغة سياسية أكثر من كونه عسكريا، إذ ارتبط، في المجمل، بالتصعيد السياسي والاتهامات المتبادلة بين الطرفين، حيال دورهما في تغذية الصراع في اليمن.
ووظفت السعودية الدور الإيراني في اليمن، لشرعنة تدخلها العسكري، من خلال اتهام إيران بتطوير القدرة العسكرية الصاروخية لجماعة الحوثي، بتزويدها تقنياتٍ متقدّمة أسهم بها خبراء إيرانيون، مكّنت الجماعة من استهداف المنشآت الحيوية السعودية.
في المقابل، ظلت إيران تقارب الحرب في اليمن كساحة ثانوية غير مؤثرة في صراعها مع السعودية، ومع توظيفها علاقتها بجماعة الحوثي، بوصفها قوة دينية وعسكرية في اليمن، للضغط على المجتمع الدولي في ملفاتٍ سياسيةٍ أكثر أهمية بالنسبة لها، كالملفين، السوري والعراقي، فإن دعمها الحوثيين ظل لا يرقى إلى علاقة حليف بوكيله المحلي، بحيث ظل يأتي من قنواتٍ غير رسمية، سواء بالدعم المالي من الحوزات الإيرانية، أو الدعم الفني في المحافل الدولية.
وكذلك فتح منافذ تجارية موازية مع الحوثيين، من خلال ساحات الحرب الإقليمية التي تنشط فيها، بما في ذلك إدارة اقتصاد حربٍ في هذه المناطق، بحيث كان وكيلها هو من يتبنى خطابها السياسي، ويخفّف الضغط عليها من خلال استهداف خصومها في المنطقة، الأمر الذي يجعل تنصيب إيران حسن إيرلو سفيرا كامل الصلاحيات في صنعاء بعد أكثر من ست سنوات من الحرب، متغيراً ارتبط بوضعها الإقليمي الحالي، وذلك بتغير مقاربتها علاقتها بوكيلها المحلي، والحرب في اليمن بشكل عام.
وقالت: كدولة إقليمية متدخلة في بلدان الحروب في المنطقة، فإن تحسين إيران شروطها السياسية في هذه البلدان يرتبط بالضغوط الدولية والإقليمية على نشاطها.
وتابعت الكاتبة اليمنية: إذا ما صحّت التكهنات بأن حسن إيرلو قيادي في الحرس الثوري الإيراني، فقد يمكّن إيران من الإشراف على القرار العسكري والسياسي لجماعة الحوثي، بما في ذلك إدارتها الحرب ضد السعودية، وبالتالي الضغط على خصمها الإقليمي في اليمن، وذلك بحضورها الدبلوماسي من العاصمة صنعاء الخاضعة لسلطة الحوثيين، مقابل هيمنة السعودية على مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً.
ورأت أنه بذلك تكون إيران قد أصبحت قوة مماثلة للسعودية تتقاسمان المجال اليمني، من خلال وصايتهما على أدواتهما المحلية، بحيث تكون إيران، بهذه الخطوة، حققت مكسباً سياسياً، سواء الاشتراك في صيغة الحل النهائي للحرب في اليمن، بما يضمن مصالح وكيلها المحلي أو استخدام اليمن ورقة في ملفاتٍ سياسيةً أخرى.
وأشارت المقطري إلى أن ربط إيران بالحرب في اليمن، من خلال دعمها جماعة الحوثي، ظلت استراتيجية سعودية مكّنتها من التحايل على أي مساءلة حيال مبرّراتها السياسية لاستمرار حربها في اليمن.
وعلى الرغم من اتهامها المستمر إيران بتسليح الحوثيين، وإعلانها، بين وقت وآخر، اعتراض شحنة أسلحة إيرانية في طريقها إلى الحوثيين، فإن المجتمع الدولي ظل متشكّكا حيال حجم الدور الإيراني في اليمن.
وبالتالي، بتعيينها سفيرا لها في صنعاء، والاعتراف بسلطة الحوثيين، تكون إيران قد قدّمت للسعودية هدية ثمنية. وفقا للكاتبة.
وأكدت المقطري أنه بعيداً عن التصريحات النارية التي أطلقتها السعودية، حيال وصول السفير الإيراني إلى صنعاء، بما في ذلك تنصّلها من المسؤولية، والإشارة إلى الدور العُماني، بشبهة وصوله بطائرة عُمانية حملت جرحى من المقاتلين الحوثيين، فإن الحضور الإيراني الحالي في صنعاء منح السعودية ذريعة لتجديد دوافع استمرار حربها في اليمن.
وقالت الناشطة السياسية: “لقد أصبح اليمن أرضا بلا سيادة تنشط فيها القوى الإقليمية، من خلال أدواتها الرخيصة، بالإضافة إلى القوى الأخرى في المناطق المحرّرة”.
وختمت بشرى المقطري: ما بين سلطة السفير الإيراني حسن إيرلو، في صنعاء، وصيا على وكيله المحلي، جماعة الحوثي، والسفير السعودي محمد آل جابر الذي يحكم اليمن من خلال سيطرته على قرار السلطة الشرعية، أصبح اليمن أرضا بلا سيادة تنشط فيها القوى الإقليمية، من خلال أدواتها الرخيصة.
وبالإضافة إلى قوى إقليمية أخرى في المناطق المحرّرة التي تحاول تكريس نفوذها. ومع أنه من المبكر معرفة تطوّرات الحضور الإيراني في اليمن على المسار العسكري، فإن الثابت هنا هو استطالة أمد الحرب في اليمن، والدفع بها ربما إلى سنوات مقبلة.