أصبح تأجيل اكتتاب شركة أرامكو النفطية يعد الخيار الأقرب بعد تعرضها لهجمات بطائرات مسيرة، أوقفت نحو نصف إنتاج المملكة من النفط مؤقتا.
وأكد خبراء اقتصاد أن التأجيل “بديهي” في ظل مخاطر عدة منها الجيوسياسية (بعد الهجوم)، وأسعار النفط ومخاوف الركود الاقتصادي العالمي. لكنهم قالوا، إن تقييم الشركة أو الاكتتاب قد لا يتأثر سلبا بالتأجيل، معتبرين الأمر يتوقف على طبيعة الرد على الهجوم.
واقترح الخبراء طرح الشركة على مرحلتين، الأولى في البورصة المحلية تكون “بالون اختبار” للطرح الدولي، ومن ثم يأتي الطرح في الأسواق العالمية.
وفي الـ14 من الشهر الجاري، أعلنت الرياض السيطرة على حريقين وقعا في منشأتي “بقيق” و”خريص” التابعتين لشركة “أرامكو” شرقي المملكة، جراء هجوم بطائرات مسيرة، تبنته جماعة “الحوثي” اليمنية. لكن الرياض تحمّل مسؤوليته لطهران، وهو ما تنفيه الأخيرة.
وكانت الهجمات دفعت إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام بنحو 5.7 ملايين برميل يوميا، أو حوالي 50 في المائة من إنتاج شركة أرامكو، إضافة إلى ملياري قدم مكعبة من الغاز المصاحب.
فيما أعلنت المملكة بعد 3 أيام من الهجوم، عودة إمدادات الخام لمستوياتها الطبيعية كما كانت عليه قبل الهجمات عبر السحب من المخزونات، على أن تصبح الطاقة الإنتاجية 11 مليون برميل يوميا نهاية الشهر الجاري، و12 مليون برميل يوميا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ووفق بيانات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بلغ متوسط إنتاج المملكة النفطي في أغسطس/ آب الفائت، نحو 9.8 ملايين برميل يوميا.
جاء الهجوم، بعد تأكيدات رسمية من مسؤولين سعوديين كبار على أن طرح شركة أرامكو للاكتتاب العام قريب جدا، وسط تقارير صحافية أشارت إلى أن طرح جزء من أسهم الشركة محليا، سيتم قبل نهاية العام الجاري.
وعقب الهجوم، أكد وزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان المضي قدما في الاكتتاب في موعده، إلا أن رئيس مجلس إدارة الشركة ياسر الرميان، قال إن الاكتتاب قد يجري خلال الأشهر الـ12 المقبلة، وهو ما يعد تلميحا ضمنيا إلى تأجيل الاكتتاب، الذي تزايدت التقارير عن قربه الشديد قبل الهجوم.
وتستهدف “أرامكو”، عملاق النفط السعودي، طرح 5 في المائة من أسهمها للاكتتاب العام الأولي، في عملية يتوقع أن تكون أكبر طرح للأسهم في العالم؛ حيث تقدر الحكومة السعودية قيمة الشركة بتريليوني دولار.
وقال الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة اللبنانية جاسم عجاقة، إن تأجيل اكتتاب شركة أرامكو السعودية بعد الهجمات الأخيرة أمر بديهي، “لا يمكن الطرح في هذا الظرف”، لكن يرى أن التأجيل لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يكون الاكتتاب سيئا في المستقبل.
وأضاف أن “قطاع النفط في حد ذاته واعد، بالتالي ليس هناك تخوف من تداعيات سلبية من تأجيل الاكتتاب”.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي وضاح ألطه، إنه من المبكر الحكم على موضوع التقييم، بما أن هناك خبراء دوليين لتقييم طبيعة الهجمات من حيث المصدر والأسلوب والطريق الذي سلكته الطائرات المسيرة رغم ظهور نتائج أولية.
وأضاف: “عادة التقييم يخصم أنواع المخاطر المختلفة، وأحد أهم المخاطر التي تواجهنا هي المخاطر الجيويسياسية.. الأمور ستكون أوضح الأسابيع القادمة”.
وذكر أنه بالنسبة للمستثمرين الدوليين، إذا كان هناك انطباع بأن الهجوم قد يتكرر في المستقبل فسيؤثر هذا على التقييم، أما إذا كانت هناك إجراءات مشددة وصارمة ضد مصدر الهجوم، فسينحصر التأثير السلبي من الهجوم على تقييم الشركة.
وتابع: “يفترض أن يكون الطرح في وضع أفضل من الحالي، فليس فقط على المخاطر الجيوسياسية بل هناك مخاطر أسعار النفط وتوقعات انكماش الاقتصاد الدولي”.
وأشار ألطه إلى أنه لتلافي هذه المخاطر، يجب أن يكون على مرحلتين، الأولى بطرح حصة في بورصة المملكة تكون اختبارا للطرح الدولي.
واستهدف الهجوم الأخير معملين لأرامكو في محافظة بقيق (شرق) وهجرة خريص (تتبع محافظة الأحساء شرق المملكة وتبعد عن العاصمة الرياض نحو 150 كيلومتراً).
وأعلن الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن الهجوم من خلال عشر طائرات من دون طيار.
وتدير أرامكو أكبر مصفاة لتكرير النفط ومعالجة الخام في العالم في بقيق بالمنطقة الشرقية.
وتزيد الطاقة التكريرية للمصفاة عن سبعة ملايين برميل من النفط الخام يومياً، بينما يعد حقل خريص أكبر مشروع بترول في العالم، إذ يقدر إنتاجه بـ1.2 مليون برميل يومياً من الزيت العربي الخفيف.