
سلطت منظمة حقوقية الضوء على أوضاع حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص الانتهاكات التي يتعرض لها الأجانب في السعودية.
ففي إطار فعاليات “الأسبوع العالمي لمناهضة التعذيب 2025”، شاركت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في ندوة إقليمية نظمتها شبكة SAME (شبكة جنوب أفريقيا والشرق الأوسط) عبر الإنترنت تحت عنوان: “خلف الأبواب المغلقة”.
وتزامنت الندوة مع اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، وشارك فيها عدد من الخبراء الحقوقيين، ناقشوا الإخفاقات النظامية التي تُمكّن من استمرار التعذيب، والوفيات أثناء الاحتجاز، إضافة إلى ظاهرة الإفلات من العقاب، خاصة في قضايا تتعلق بالأفراد المحكوم عليهم بالإعدام والفئات المستضعفة الأخرى.
وفي مداخلتها خلال الندوة، استعرضت دعاء دهيني، الباحثة الرئيسية في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ما وصفته بـ “النمط المتكرر والمنهجي من الانتهاكات” التي يتعرض لها الأجانب في السعودية، خصوصًا المنحدرين من دول آسيوية وأفريقية مثل باكستان، الصومال، وإثيوبيا.
وأوضحت دهيني أن هذه الانتهاكات تبدأ منذ لحظة الاعتقال، وتشمل الإخفاء القسري، التعذيب، ومنع المحتجزين من التواصل مع محامٍ، وصولًا إلى محاكمات تُوصف بأنها تفتقر إلى معايير العدالة، وتنتهي أحيانًا بأحكام إعدام تُنفذ بشكل تعسفي.
وقالت دهيني إن المنظمة وثّقت العديد من الحالات التي تُظهر استهداف العمالة الأجنبية على نحو غير متكافئ مقارنة بالمواطنين السعوديين، مشيرة إلى أن وضع هؤلاء الأفراد يزداد سوءًا في ظل غياب تمثيل دبلوماسي فعّال لبلدانهم، ما يجعلهم عرضة لانتهاكات جسيمة دون وجود حماية أو دعم قانوني كافٍ.
أرقام مقلقة
خلال الندوة، عرضت دهيني أرقامًا وصفتها بالمقلقة، حيث كشفت أن السعودية نفّذت 167 حكم إعدام منذ بداية عام 2025، من بينها 85 حالة مرتبطة بجرائم مخدرات.
والأخطر أن حوالي 50% من الأشخاص الذين تم إعدامهم كانوا من الأجانب، ما يثير تساؤلات حقوقية جدية حول مدى عدالة الإجراءات القضائية وضمان تكافؤ الحقوق للأجانب أمام المحاكم السعودية.
وأشارت دهيني إلى أن تقارير سابقة أظهرت أن معدل تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأجانب في قضايا المخدرات بين عامي 2010 و2021 كان أعلى بثلاثة أضعاف مقارنة بالمواطنين السعوديين المدانين بالتهم نفسها.
وأضافت: “هذا يُظهر وجود شبهة تمييز ممنهج ضد الأجانب، ويؤكد أن هؤلاء يواجهون محاكمات تفتقر إلى أدنى معايير العدالة والشفافية.”
انتقادات لغياب المساءلة
ورغم توقيع السعودية على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، أكدت المنظمة الأوروبية السعودية أن المملكة لا تزال تفتقر إلى آليات فاعلة للتحقيق والمساءلة في قضايا التعذيب أو الوفاة أثناء الاحتجاز.
وأشارت دهيني إلى غياب أي تحقيقات مستقلة أو محاكمات قضائية في الحالات التي جرى فيها تقديم شكاوى رسمية بشأن تعرض محتجزين للتعذيب أو سوء المعاملة.
وطالبت المنظمة بضرورة تفعيل الرقابة المستقلة على أماكن الاحتجاز، وضمان الحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة للأجانب، مع التشديد على أهمية حماية المحتجزين القادمين من دول تفتقر إلى تمثيل دبلوماسي قوي في المملكة، ما يجعلهم أكثر عرضة للانتهاكات.
وأعربت المنظمة عن قلقها العميق من استمرار الإفلات من العقاب، معتبرة أن هذا المناخ القانوني يُشجع على تكرار الانتهاكات دون خوف من الملاحقة، ويقوض الجهود الدولية الرامية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في السعودية.
واختتمت دهيني كلمتها بالتأكيد على أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية الضغط على السعودية لإصلاح نظام العدالة الجنائية وضمان حماية حقوق جميع الأفراد على أراضيها، دون تمييز على أساس الجنسية أو العرق أو الوضع الاجتماعي.