دخل اقتصاد المملكة في دوامة من التراجع والانتكاسات في ظل تخبط نظام آل سعود وفشله في إيجاد حلول فضلا عن فساده وسوء توزيع الموارد الضخمة التي تمتلكها البلاد.
وتم الكشف عن تراجع استثمارات المملكة في أذون وسندات الخزانة الأميركية بفعل التكلفة المرتفعة لحرب اليمن والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها المملكة.
ووفقاً لبيانات حديثة صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية، بلغت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي بأذون وسندات الخزانة الأميركية نحو 273.94 مليار دولار، وذلك في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، مقارنة مع نحو 288.236 مليار دولار في شهر أغسطس/ آب 2019.
وتعد سندات الخزانة الأميركية وسيلة لجمع الأموال والديون من الدول والمؤسسات، وتسددها حكومة واشنطن عند حلول ميعاد استحقاقها الذي يختلف حسب أجل السند.
وما تعلنه الخزانة الأميركية في بياناتها الشهرية، هو استثمارات الدول في أذون وسندات الخزانة الأميركية فقط، ولا تشمل الاستثمارات الأخرى في الولايات المتحدة، سواء كانت حكومية أو خاصة.
ووفقا للبيانات، تراجعت استثمارات المملكة بنسبة 1.25 % في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، مقارنة بشهر أغسطس/آب 2019.
وفي هذا السياق، يقول مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية عادل الرميح، إن هناك مجموعة من الأسباب وراء تراجع حيازات دول الخليج من السندات الأميركية بقيادة السعودية التي تواجه التزامات مالية ضخمة داخلياً وخارجياً في حين أن لديها مصدر إيرادات تقليدياً.
ويضيف الرميح أن المملكة تواجه انحرافا كبيرا في صندوقها السيادي، مبيناً أنه هو المسؤول عن توليد عائدات على الاستثمار، لكنه يمول الآن بالديون والاستحواذ على مزيد من الأصول الخطرة، وهذا انحراف عن استراتيجيات التمويل الحكومي التقليدية التي تهدف إلى الحفاظ على الثروة العامة المشتركة.
ويرى الخبير في شؤون الاقتصاد الخليجي، ناصر العيدان، أن أهم أسباب تراجع السعودية والإمارات خاصة عن ضخ مزيد من الاستثمارات في السندات الأميركية، ما يحدث حاليا في اقتصاداتها من تراجع في احتياطاتها متأثرة بحرب اليمن، حيث تراجع احتياط النقد الأجنبي للرياض من 787 مليار دولار عام 2014 إلى حوالي 487 مليار دولار، فضلا عن تراجع فائض الميزان التجاري بنسبة 6.1% في النصف الأول من العام 2019، أي ما يعادل 4 مليارات دولار.
ويضيف العيدان أن ارتفاع لجوء السعودية إلى أسواق الدين العام من أهم الأسباب التي يجب النظر إليها، حيث ارتفع دينها من 91 إلى 149 مليار دولار خلال فترة الحرب.
كما يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت، عبد الله الكندري، إن هناك 500 قضية إفلاس رفعت أمام المحاكم السعودية لشركات كبرى، من ضمنها أكثر من 300 شركة موجودة في الرياض، كما حصل تقشف في الخدمات ومغادرة لعدد كبير من رجال المال والأعمال، فالمملكة تواجه حاليا تحديات تاريخية لم تشهدها من قبل، ومعها دول الخليج خاصة الإمارات والبحرين والكويت.
وتوقع الكندري أن تستمر دول الخليج في خفض استثماراتها بالسندات الأميركية خلال الفترة المقبلة خاصة في ظل ما يشهده اقتصادها من تداعيات.
وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأميركية الصادرة، أمس، أن السعودية كانت أكبر الدول الخليجية المستثمرة في الأذون والسندات الأميركية، بقيمة 181.5 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول الفائت، مقابل 183.8 مليار دولار في أغسطس/ آب السابق له.
وتتمتع السندات الأميركية بالجاذبية لانخفاض مستوى مخاطرة عدم السداد؛ وهو ما يفسر انخفاض العائد عليها، (الفائدة)، وإن كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، ينفذ منذ فترة خطة لرفع أسعار الفائدة.
وبلغ إجمالي قيمة الاستثمارات العالمية في أذونات وسندات الخزانة الأميركية، حتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، نحو 6776.8 مليار دولار.
في هذه الأثناء تواصل تراجع صادرات المملكة من النفط الخام إلى 6.67 مليون برميل يومياً من 6.88 مليون برميل يومياً في أغسطس/آب وذلك بحسب بيانات رسمية.
ونزل إجمالي صادرات المملكة من الخام 0.660 مليون برميل يوميا في سبتمبر/أيلول إلى 9.126 مليون برميل يوميا.
وتراجع مخزون الخام 20.27 مليون برميل إلى 152.48 مليون برميل في سبتمبر/أيلول، بينما زاد الخام المستخدم في المصافي المحلية 0.010 مليون برميل يوميا إلى 2.584 مليون برميل يوميا في سبتمبر/أيلول، وفقا للأرقام.
وتقدم الرياض وسائر أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول أرقام التصدير الشهرية إلى مبادرة البيانات المشتركة التي تنشرها على موقعها الإلكتروني.
وتصدرت المملكة الخسائر وسط انخفاض أسعار النفط، ونزل المؤشر الرئيسي للسوق السعودية 0.7%، لتتوقف مكاسب استمرت 4 جلسات، مع تراجع سهم مصرف الراجحي 0.8% وسهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، أكبر منتج بتروكيماويات في الخليج، 1.8%.
وتعاني المملكة أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم – في الوقت الراهن، من تراجع إيراداتها المالية الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام عما كان عليه في 2014.
وتراجعت تحويلات الأجانب المقيمين في المملكة إلى الخارج، بنسبة 10.1 في المئة على أساس سنوي، خلال أول 9 أشهر من 2019، إلى 93 مليار ريال (24.8 مليار دولار).
وبلغ إجمالي التحويلات 103.5 مليارات ريال (27.6 مليارات دولار) في الفترة المناظرة من 2018. وكانت تحويلات الأجانب المقيمين في السعودية تراجعت بنسبة 3.7 بالمئة على أساس سنوي، خلال 2018، إلى 136.4 مليار ريال (36.4 مليار دولار). وارتفعت تحويلات الأجانب في المملكة إلى مستوى قياسي في 2015، عند 41.8 مليار دولار.
كما واصلت البورصة في المملكة تراجعها للجلسة الثانية على التوالي متأثرة بعمليات بيع طاولت أغلب الأسهم المدرجة، في الوقت الذي تتوالى فيه إفصاحات الشركات عن نتائج أعمالها للربع الثالث من العام الجاري، لتسجل أغلبها خسائر وتراجعاً مستمراً في الأرباح.
وانخفض المؤشر العام للسوق بنسبة 1.36 في المائة، إلى مستوى 7784.7 نقطة، خاسراً نحو 107.02 نقاط، ليرفع رصيد النقاط الضائعة إلى 129 نقطة منذ نهاية تعاملات الخميس الماضي.
وخسر رأس المال السوقي على مدار الجلستين الأخيرتين، نحو 5.4 مليارات ريال (1.4 مليار دولار)، بعد أن تراجع إلى مستوى 1.858 تريليون ريال. وهبطت أسهم 136 شركة من إجمالي 193 شركة مدرجة في السوق، بينما لم ترتفع سوى 45 شركة.
وتضررت السوق بنتائج مالية مخيبة للشركات الكبرى، لاسيما في النفط والبتروكيماويات. وهوت أرباح الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك” بنسبة 86 في المائة خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث حققت 830 مليون ريال (221.3 مليون دولار)، مقابل 6.1 مليارات ريال (1.6 مليار دولار).
كما تراجعت أرباح الشركة خلال الأشهر التسعة الأولى من 2019 بنسبة 65.2 في المائة، حيث بلغت 6.36 مليارات ريال مقابل 18.3 مليار ريال في الفترة نفسها من 2018، وفق إفصاح قدمته الشركة لإدارة البورصة، يوم الأحد الماضي.
وسابك، رابع أكبر شركة بتروكيماويات في العالم مملوكة للدولة. وأعلنت الشركة الشهر الماضي عن تضررها بسبب تداعيات هجمات تبناها الحوثيون في اليمن، استهدفت منشأتين نفطيتين رئيسيتين شرق المملكة في 14 سبتمبر/أيلول الماضي، ما أدى إلى انخفاض كبير في إمدادات اللقيم (مواد نفطية).
وخسرت المملكة جراء هذه الهجمات نحو نصف إنتاجها من النفط، بما يعادل 5.7 ملايين برميل يوميا، وقرابة 6% من إمدادات الخام العالمي، بينما أعلنت الحكومة في وقت لاحق استئناف الإمدادات بكامل طاقتها.
وكشفت بيانات حكومية ومصرفية، الأسبوع الماضي، عن اعتزام الحكومة اقتراض نحو 4.4 مليارات دولار من السوقين المحلية والدولية، فيما تتسارع وتيرة لجوء الدولة الخليجية الأكبر عالمياً في تصدير النفط إلى أسواق الدين منذ أكثر من أربع سنوات.
واقترضت المملكة بكثافة في السنوات القليلة الماضية، لتعويض تأثير انخفاض أسعار النفط على إيرادات الدولة.
وفي تقرير صادر عن وزارة المالية حديثاً، اتضح أن الديون الحكومية قفزت بشكل غير مسبوق، خلال السنوات الخمس الأخيرة، لتصل بنهاية يونيو/حزيران 2019 إلى 627.8 مليار ريال (167.4 مليار دولار)، مقابل 44.3 مليار ريال (11.8 مليار دولار) بنهاية عام 2014.