شواهد على تدهور شديد في اقتصاد المملكة
تفاقم تدهور اقتصاد المملكة بعد ظهور العديد من المؤشرات السلبية حسب بيانات رسمية حديثة, أبرزها تراجع فائض الميزان التجاري, وهبوط أرباح الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”, وهي أكبر شركة بتروكيميائيات في الشرق الأوسط والرابعة عالمياً.
كما أعلنت المملكة عن مواصلة خطتها لبيع بعض أصولها من أجل توفير موارد مالية لمواجهة أزمة تراجع الإيرادات النفطية.
وأفادت بيانات رسمية، أمس، بتراجع فائض الميزان التجاري للسعودية بنسبة 5.66 في المائة على أساس شهري في مايو/أيار 2019. وحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية (حكومية)، انخفض الفائض التجاري إلى 44.95 مليار ريال (12 مليار دولار) في مايو/ أيار الماضي.
وكان الفائض التجاري للمملكة سجل 47.65 مليار ريال (12.7 مليار دولار) في إبريل/نيسان السابق له.
وفي إطار المؤشرات السلبية، تراجعت أرباح الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”، خلال الربع الثاني من 2019، بنسبة 68.3 بالمائة على أساس سنوي إلى 2.12 مليار ريال (566 مليون دولار)، من 6.7 مليارات ريال (1.79 مليار دولار) بالفترة المماثلة من العام الماضي.
وتراجع صافي أرباح “سابك”، بنسبة 54.7 بالمائة على أساس سنوي خلال النصف الأول 2019، بسبب تراجع أسعار بيع المنتجات. وقالت “سابك”، إن صافي أرباحها بلغ 5.52 مليارات ريال في النصف الأول من العام الحالي، مقابل 12.2 مليار ريال في الفترة المقابلة 2018.
وأرجعت “سابك” سبب انخفاض الأرباح خلال النصف الأول 2019، إلى انخفاض متوسط أسعار بيع المنتجات، وانخفاض حصة الشركات في نتائج شركات زميلة ومشروعات مشتركة.
وتراجع إجمالي إيرادات الشركة بنسبة 13.9 بالمائة، إلى 73.24 مليار ريال، مقارنة مع 85.15 مليار ريال في الفترة المقابلة 2018.
واستحوذت أرامكو على حصة بنسبة 70 بالمائة من “سابك” في مارس/آذار الماضي من صندوق الاستثمارات العامة السعودية مقابل 69 مليار دولار.
وقد يستغرق الأمر أشهراً قليلة لدخول حصيلة صفقة سابك في صندوق الاستثمارات العامة، إذ قالت أرامكو إن من المتوقع إغلاق الصفقة في 2020، بينما ذكرت وثيقة أن عملاق النفط سيسدد ثمن الصفقة على شرائح.
وفي إطار مساعي الرياض للحد من أزمة تراجع الإيرادات النفطية، قالت المؤسسة العامة للحبوب في المملكة إن المرحلة التالية من خصخصة وبيع مطاحن الدقيق التابعة لها ستبدأ بعد غد الأربعاء، وستشمل “إجراء دراسات العناية المهنية اللازمة من قبل المستثمرين المؤهلين وتنتهي بتقديم العروض المالية”.
وبيع المطاحن من أولى عمليات الخصخصة في المملكة، في إطار خطة إصلاحات على نطاق أوسع في الاقتصاد.
واجتذبت عملية البيع اهتماما من شركات زراعية عالمية كبرى، من بينها آرشر دانييلز ميدلاند وبونجي.
ولم تسم المؤسسة العامة للحبوب في بيانها، العارضين المؤهلين من المرحلة الأولى للعملية العام الماضي.
ويُنظر إلى خصخصة قطاع مطاحن الدقيق كاختبار لبيع أصول حكومية كبيرة أخرى ستعقبه. ويأتي اهتمام اللاعبين الكبار في سوق الحبوب بتلك المطاحن، مع تزايد اعتماد السعودية على الحبوب المستوردة.
وتواصل الشركات السعودية نزيف الخسائر في الربع الثاني من 2019 دون ظهور أي بوادر للتعافي من الخسائر الكبيرة التي حققتها في 2018 .
ونتيجة لذلك تشهد البورصة في المملكة تراجعات متتالية بلغت ذروتها أمس حين هبطت لأدنى مستوى في ثمانية أشهر، وانخفض المؤشر الرئيسي للسوق السعودية 1.5 بالمائة، متأثرا بخسائر أسهم القطاع المالي وشركات البتروكيماويات.
ولم تظهر الشركات السعودية بعد أي علامات على التعافي من خسائر 2018 ، وفي وقت سابق كشفت البيانات المالية الرسمية للشركات السعودية لعام 2018 عن تكبد العشرات من هذه الشركات خسائر مالية ضخمة, ومن بين هذه الشركات من تفاقمت خسائرها بنحو خمسة أضعاف على أساس سنوي.
وتكشف هذه البيانات عن مستوى الركود الذي يتخبط فيه الاقتصاد السعودي وما وصل إليه من مناخ استثماري طارد، كما يكشف عن تدني معدلات النمو والأرباح المتوقعة لهذه الشركات للعام الجاري 2019.
كما توجه هذه الخسائر جرس إنذار بانهيارات البورصة في المملكة وتفاقم نزيف خسائرها المتواصل.
وتعاني المملكة من بطالة قياسية بسبب فساد آل سعود وإهدارهم الثروات الهائلة وما ينفقونه في الحرب باليمن من أموال طائلة، وتبديد ولي العهد محمد بن سلمان أموال المملكة في شرائه اليخوت واللوحات الفنية.
وكشف تقرير لمنظمة “العدل والتنمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، في سبتمبر الماضي، عن وجود نحو 5 ملايين مواطن سعودي يعيشون تحت خط الفقر، ويعانون بسبب الفقر وانتشار العشوائيات والمنازل العشوائية غير اللائقة.
وأضاف التقرير أن انتشار الفقر في المملكة، “نتيجة تكاليف الحرب التى تقودها السعودية على اليمن والتي بلغت وفق اخر التقديرات نحو 1.5 مليار دولار، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط”.
ورغم أن المملكة تصنف على أنها أكبر منتج للنفط في العالم بطاقة تقترب من 12 مليون برميل يوميا، ويدخل خزانتها العامة ما يقارب 450 مليون دولار مع كل طلعة شمس، ورغم ذلك يصل معدل البطالة بين مواطنيها إلى 12.8%، وترتفع النسبة بين الشباب لأكثر من ضعفي النسبة.
ولنتخيل أن بلداً يمتلك احتياطيات من النقد الأجنبي تتجاوز 500 مليار دولار مودعة في البنوك الغربية، واستثمارات تقدر بمئات المليارات من الدولارات في أميركا، وإيرادات ضخمة من الصادرات النفطية والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، فهل لديه، في هذه الحالة، مبرر واحد لوجود أزمة بطالة فيه، خاصة بين الشباب وخريجي الجامعات، علماً بأن 20% من الاحتياطي الأجنبي الذي يملكه هذا البلد قادر على إقامة مشروعات عملاقة في كل القطاعات تستوعب كل الأيدي العاملة المنضمة لسوق العمل سنويا.