كشفت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان عن اعتقالات تعسفية جديدة لستة أشخاص من منطقة جازان في السعودية تتعلق بممارسة الحقوق العامة ما يعيد تسليط الضوء على غموض الإجراءات القانونية في المملكة.
وقالت المنظمة في بيان تلقى “سعودي ليكس” نسخة منه، إنه على الرغم من محدوديّة المعلومات المتوفّرة، يبدو أنّ الاعتقالات، التي حدثت خمسة منها في السنوات الأخيرة ويعود تاريخ إحداها إلى أكثر من عقدين، تتعلّق بحرّيّة التعبير، أو لأسباب تافهة أخرى أو ادعاءات غير مثبتة.
وبحسب المنظمة يسلّط هذا الأمر الضوء على الغياب التام للإجراءات القانونيّة الواجبة والشفافيّة حول الاعتقالات المستمرة في حملات القمع المتصاعدة التي تشنّها السلطات.
كما تشكّل أطول قضيّة فيها هي قضيّة الجندي عثمان أحمد قميري حكمي، الذي اعتُقل منذ أكثر من 25 عامًا تقريبًا، في عام 2000، بعد غارة شُنّت على منزله في قرية في منطقة جازان، على الحدود الجنوبيّة للسعوديّة مع اليمن.
وعلى الرغم من عدم معرفة ما إذا كان قد تم تقديمه للمحاكمة أو الحكم عليه، إلا أن اعتقاله يبدو تعسّفيًّا. وقد تبع ذلك إعارة عثمان هاتفه المحمول إلى سجين للسماح له بالاتصال بأسرته، في سجن ربما كان يعمل فيه. وقد قضى عثمان، الذي يبلغ الآن الأربعينيّات من عمره، معظم حياته في السجن، بعيدًا عن والديه (اللذين توفيا منذ ذلك الحين) وأشقائه.
أما بقية الخمسة فقد اعتقلوا في السنوات الأخيرة. حيث اعتقل الطالب محمد سامي يحيى عباس حكمي في عام 2021 تقريبًا بعد مداهمة منزله في قريته بجازان، بعد نشره لبعض التغريدات. ويُخشى أنه قد حُكم عليه منذ ذلك الحين بالسجن 15 عامًا.
وبالمثل، اعتقل عثمان علي زين حكمي، وهو معلّم متقاعد في الخمسينيّات من عمره، في عام 2022 تقريبًا بعد العثور على تغريدات قديمة له يُزعم أنها تدعم جماعة الإخوان المسلمين. وقد يكون قد حُكم عليه بالسجن 20 عامًا.
اعتقل بكر عبدالعزيز عبده حكمي، وهو جندي في الثلاثينيّات من عمره، في عام 2023 على خلفيّة تهم تتعلّق بتهريب الأسلحة إلى الحوثيّين، وذلك على الرغم من عدم إثبات هذه الادعاءات. كما ومن غير المعروف ما إذا كان قد اتُهم رسميًّا أو قدّم للمحاكمة.
وقد اعتقل غالب غالب أحمد أبو هدّاش حكمي، وهو جندي في ميناء جازان، في منتصف عام 2024. وقد اتُّهم هذا الأخير بحيازة سلاح، وهذا أمر تنفيه أسرته، إلا أن اعتقاله ربما يكون قد نتج عن محادثة على تطبيق واتساب.
كما تم اعتقال أحمد عثمان مزيّد حكمي، وهو جندي متقاعد في الخمسينيّات من عمره، في منتصف عام 2024 بعد مداهمة منزله، وذلك على خلفيّة محادثة على تطبيق واتساب يُعتقد أنه انتقد فيها مستشار الديوان الملكي تركي آل الشيخ.
وتحدث هذه الاعتقالات وسط حملة قمعيّة مكثّفة ضدّ حرّيّة التعبير في السعوديّة، حيث استمرّت السلطات في إجراء اعتقالات تعسّفيّة للأشخاص الذين يمارسون حقوقهم الأساسيّة، وتصدر مجموعة كبيرة من أحكام بالسجن لفترات طويلة بسبب نشاطهم السلمي، وخاصة عبر الإنترنت.
على الرغم من محدوديّة المعلومات المؤكّدة أو الإضافيّة المتوفرة حول هذه القضايا، إلا أنها تعكس الغياب الكامل للشفافيّة حول الاحتجاز والمحاكمات في البلاد، حيث تمنع السلطات السعوديّة أي وصول إلى المعلومات، بما في ذلك رفضها الرصد المستقل للسجون أو المحاكم.
وبالتالي، فإن نظام السجون تحت أستار الكتمان، ويُعرف بانتهاكاته الجسيمة للمعايير الدوليّة لحقوق الإنسان، بما في ذلك احتجاز المشتبه بهم لفترة طويلة قبل المحاكمة. وبالمثل، تُشتهر المحاكم السعوديّة بعدم احترامها للإجراءات القانونيّة الواجبة وغياب استقلاليّتها.
وتشير محدوديّة المعلومات أيضًا إلى مناخ الخوف السائد في السعوديّة، حيث يزداد خوف الأصدقاء والأقارب من التحدّث علانيّة، ممّا يمثّل تذكيرًا مخيفًا بأنّ عدد الاعتقالات التعسّفيّة التي يتم رصدها في البلاد، إلى جانب انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، لا يمثّل سوى جزء بسيط من المجموع.
وطالبت منظمة القسط السلطات السعودية باحترام حقوق هؤلاء المحتجزين على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي، والإفراج الفوري عن المحتجزين بسبب ممارستهم السلميّة لحقوقهم الأساسيّة.
علاوة على ذلك، وفي غياب الشفافيّة، حثت المنظمة من جديد السلطات السعوديّة على منح المراقبين الدوليّين المستقلّين والمنظّمات غير الحكوميّة إمكانية الوصول إلى السجناء والمحتجزين، وأن توجه دعوات إلى المكلّفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصّة للأمم المتحدة وتقبل زياراتهم.