تعمد مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر فضح خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن مستقبل العلاقات مع إسرائيل و اعتراف الرياض بدولة الاحتلال.
وصرح كوشنر بأن تطبيع العلاقات بين نظام آل سعود وإسرائيل “مسألة وقت”، وذلك بعدما أعلن دونالد ترامب أن المغرب ستعترف بإسرائيل وتقيم علاقات تطبيع معها.
وقال كوشنر لصحافيين “تقارب إسرائيل والسعودية والتطبيع الكامل بينهما في هذه المرحلة هو أمر حتمي، لكن من الواضح أنه ينبغي العمل على الجدول الزمني”.
ويرى خبراء ومراقبون أن بن سلمان، لا يزال متوجساً ومذعوراً، بسبب المغادرة الوشيكة لحليفه السابق في واشنطن، وأصبح مستعدا لتقديم أي تنازل في سبيل خطط سعيه لاعتلاء العرش في المملكة.
ويقول هؤلاء إن ولي العهد يخوض حاليا آخر أوراقه لتحقيق طموحاته لاعتلاء العرش معتمداً هذه المرة على جوكر التطبيع مع إسرائيل، معتقداً أنها خياره المتاح للوصول لمبتغاه.
وتجلى هذا الإصرار أكثر من أي وقت مضى، مع التخبط الذي واجهه مؤخراً بعد احتراق ورقة اعتماده على فوز لم يتحقق، لحليفه دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير.
وكان رهان الرياض عالياً على تمديد ولاية الرئيس الأمريكي الحالي والبقاء في البيت الأبيض، وقطف ثمار الاستثمار في المرشح الجمهوري.
وتجلى التخبط السعودي أيضا، في تأخر تقديم التهنئة للرئيس المعلن جو بايدن، وهو ما قدم إشارة سلبية في فريق الديمقراطيين العائد للبيت الأبيض.
ويضيف الخبراء أن محمد بن سلمان أدرك سريعاً فداحة الخطأ المرتكب، وفكر في موقف يخرجه من المأزق.
وبحسب مقربيه وبتوصية من مستشاره محمد بن زايد، فإنه توهم أن أفضل حل هو التقرب من تل أبيب، وهو ما دفعه للاستنجاد بمايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي خلال جولته الأخيرة، لتنسيق زيارة بنيامين نتنياهو، وتنسيق لقاء عاجل في نيوم.
ورغم أن السعودية نفت خبر زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى نيوم، ولقائه بولي العهد محمد بن سلمان، إلا أن ذلك لم يمنع التأويلات حول التقارب المحتمل بين المملكة والدولة العبرية في ظل تطبيع العلاقات بين تل أبيب والإمارات والبحرين.
وذكرت بعض المصادر أن الرياض تسعى حالياً لتمهيد ترسيم التطبيع والتدرج في إعلان الخبر، تمهيداً لتوقيع اتفاق تلحق به حليفتها الإمارات، وكذلك البحرين.
وكشفت صحيفة “إيكونوميست” البريطانية أن ثمة سعادة في كل من الرياض وتل أبيب، بعد تسريب وسائل إعلام عبرية نبأ اللقاء الثلاثي الذي عقد سراً في المملكة، وجمع بن سلمان ونتنياهو وبومبيو.
وقالت إن اللقاء يعد تاريخياً بكل المقاييس، ولم تكن هناك مفاجأة بخصوصه، المفاجأة هي في علنيته على الأقل من الجانب الإسرائيلي.
كما أكد رئيس مؤسسة أوراسيا لدراسة المخاطر السياسية آيان بريمر قائلا: إن “لقاء بين رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان يُعد خبرا شديد الأهمية، كونه الأول الذي يُعلن عنه لزيارة زعيم إسرائيلي للسعودية”.
واعتبر بريمر أن نفي وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان للقاء، لن يكون المرة الأولى التي تنفي فيها المملكة “شيئا نعرفه جميعا”.
كما أشار بريمر – الذي عمل سابقا مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ويعمل حالياً خبيراً في المجلس الأطلسي بواشنطن- إلى أنه “لم يعد يوجد سبب الآن لعدم جعل هذه العلاقات أكثر علانية إلى حد ما، وفي الوقت الحالي، فإن الموقف الأكثر احتمالاً بالنسبة للسعودية هو تشجيع عملية التطبيع الجارية بالفعل في المنطقة”.
وتشير المتابعات للشأن السعودي، أن الرياض تحاول جاهدة استخدام أوراقها من أجل التقارب من فريق بايدن وتدارك التأخر الحاصل، وامتصاص غضب فريقه الممتعض من توجهات الإدارة السابقة.
وأكد ديفيد غاردنر في تحليل نشره في صحيفة “فايننشال تايمز” أن التقارير بشأن الاجتماع السري الذي جرى بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ترسّخ عقب تأكد فوز جو بايدن بالرئاسة في الولايات المتحدة.
ويقول غاردنر إن “اللقاء يعد سابقة، ولكنه ليس لقاء تاريخيا” على حد تعبيره.
تخبط الرياض
وبحسب المتابعين فإن ولي العهد لما رأى دونالد ترامب في طريقه إلى الخسارة في الانتخابات الرئاسية، راح يبحث عن يد تدعمه في مواجهة المشاكل التي قد تثيرها معه حكومة بايدن.
ومبعث قلق بن سلمان أن الرئيس المنتخب تعهد من قبل بإعادة تقييم العلاقات الأمريكية السعودية، التي وصفها بأنها دولة “مارقة” بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في عام 2018 في قنصلية بلاده باسطنبول على يد مجموعة تعتقد وكالة الاستخبارات الأمريكية أنها تأخذ الأوامر من ولي العهد.
ويذهب بعض المراقبين إلى أن الغموض الذي أحيط به اللقاء، ربما يعني أن السعودية لا تريد أن تمضي في أي خطوة دبلوماسية إلا بعد تولي بايدن الحكم رسمياً. ولكن الاجتماع رتبه وحضره مايك بومبيو، وزير خارجية ترامب، الذي يرى فريق بايدن أنه مثير للأزمات وليس دبلوماسياً.
وتشير مصادر إلى أن بن سلمان يعتقد أن نتنياهو قد يدافع عنه في البيت الأبيض، من خلال نفوذه في الكونغرس لدعمه لاعتلاء العرش.