حمل الهجوم الأخير لجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) بطائرات مسيرة على حقل الشيبة النفطي جنوب شرق المملكة دلالات خطيرة على آل سعود بشأن استهداف منظومة إنتاج النفط.
كما أعاد الهجوم تسليط الأضواء إلى حقل الشيبة الذي يوصف بأنه منجم ذهب للاقتصاد السعودي، والذي كان محل خلاف بين السعودية وإمارة أبوظبي منذ إعلان دولة الإمارات عام 1971.
ويعد حقل الشيبة النفطي الذي يضم حوالي 145 بئراً نفطياً ثاني أكبر الحقول النفطية السعودية إنتاجاً للنفط بطاقة تبلغ مليون برميل يومياً وفقاً للموقع الرسمي لشركة أرامكو المالكة للحقل.
يقع الحقل على بعد أكثر من ألف كيلومتر من الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال غرب اليمن، وقرب الحدود مع الإمارات، في منطقة الربع الخالي.
وفي 1998 بدأت أرامكو انتاج البترول من حقل الشيبة، وفي 2003م طرحت المملكة أمام الشركات العالمية فرصاً استثمارية للتنقيب عن الغاز غير المصاحب واستغلاله في الربع الخالي.
ويبلغ احتياطي الحقل نحو 14.3 مليار برميل من الزيت الخام الخفيف و25 تريليون متر مكعب من الغاز ويوجد خط أنابيب يمتد من حقل الشيبة الى بقيق بطول 640 كلم، حيث تمتد من المعمل الرئيسي لفرز الغاز من الزيت بحقل الشيبة الى معامل بقيق، كما تم تعديل خطوط الأنابيب والمضخات الموجودة حاليا شمال بقيق وتحسينها لتوصيل الزيت الخام الى رأس تنوره والجعيمة، كما أن الحقل ينتج حاجته الكاملة من المياه والكهرباء.
ووفقا لـ”أرامكو” فإن احتياطيات الشيبة وحدها يمكن أن توفر احتياجات العالم من النفط لأكثر من 160 يومًا (وأوروبا لأكثر من عامين).
وقالت شركة أرامكو إن الهجوم الذي شنه الحوثيون بطائرات مسيرة يوم السبت أدى إلى نشوب حريق في معمل للغاز ولكنه لم يؤثر على إنتاج النفط.
وقال متحدث عسكري باسم الحوثيين إن “عشر طائرات مسيرة استهدفت حقل ومصفاة الشيبة التابعة لشركة أرامكو شرقي المملكة بعملية توازن الردع الأولى”.
بدوره قال خالد الفالح وزير الطاقة السعودي في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء السعودية إن “هذا الاستهداف لمنشآت حيوية لا يستهدف المملكة فحسب، وإنما يستهدف أمن إمدادات الطاقة للعالم”.
وتشير تصريحات الفالح إلى التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تترتب على استهداف الحقل، فهو يمثل تقريبا في الوقت الحالي نحو 10% من إجمالي إنتاج السعودية من الخام والذي بلغ في يوليو/ تموز الماضي نحو 9.580 ملايين برميل يوميا، بينما بلغ متوسط الإنتاج في عام 2018 نحو 10.317 ملايين برميل يوميا.
وتشير الضربة أيضاً إلى استهداف الحوثيين منظومة إنتاج النفط السعودي كاملة، فالضربات الأخيرة استهدفت الحقل والمصفاة والضربات السابقة في مايو/ أيار الماضي استهدفت خطوط الأنابيب وأدت إلى احتراق أحدها، كما أن عمليات التفجير استهدفت ناقلات نفط في الخليج العربي خلال شهري يونيو/ حزيران ومايو/ أيار الماضيين.
وحقل الشيبة النفطي الضخم كان محل خلاف بين المملكة والإمارات منذ استقلال الأخيرة عام 1971، حول حقل الشيبة وخور العيديد النفطي.
والأزمة التي تتعلق بحقل الشيبة النفطي، ترتبط بتأكيد إمارة أبوظبي أن 80% من الحقل تقع في منطقة تنازلت عنها مؤقتا للمملكة، حسب قول المسؤولين الإماراتيين، أثناء الأيام الأولى لاستقلال الإمارات مقابل حل أزمة واحة البريمي على الحدود السعودية الإماراتية لصالح إمارة أبوظبي، التي أعلنت أنها تسعى لتعديل معاهدة حدود أبرمت عام 1974 بعد وقت قصير من قيام دولة الإمارات.
وزار وزير الداخلية السعودي الأسبق الأمير نايف بن عبد العزيز أبوظبي في 2005 لإجراء محادثات حول هذه الاتفاقية التي تنازلت بموجبها الإمارات للمملكة عن شريط من الأرض يربط بين الإمارات وقطر.
وفي ذلك الوقت، نفى الأمير نايف قبل الزيارة تقريراً ذكر أن الجانبين ناقشا أيضاً طلباً للإمارات باستغلال الجزء الخاص بها في حقل الشيبة النفطي الذي يقع على حدودهما المشتركة.
ووقع البلدان اتفاقية جدة عام 1974 التي تنص على تخلي الرياض عن مطالبتها بواحة البريمي، مقابل تخلي أبوظبي عن خور العيديد الذي يشمل منطقة ساحلية بطول 25 كلم تقريباً تفصل بين أراضي أبوظبي وقطر، وقرابة ثمانين بالمائة من آبار الشيبة النفطية والتي تعرف في الإمارات باسم زرارة.
وكانت جماعة أنصار الله الحوثية أعلنت السبت، عن تنفيذ أكبر عملية هجومية على المملكة منذ بدء “العدوان على اليمن”، باستهداف حقل ومصفاة نفطية في المملكة قرب الحدود مع الإمارات، باستخدام 10 طائرات مسيرة بدون طيار.
ونقلت قناة “المسيرة” الفضائية التابعة للجماعة، عن المتحدث العسكري العميد يحيى سريع أن الطائرات المسيرة التابعة للجماعة، استهدفت حقل ومصفاة الشيبة التابعة لشركة أرامكو السعودية، وهو الحقل المعروف بقربه من أبوظبي، وقال المتحدث إن الحقل يضم أكبر مخزون استراتيجي نفطي في المملكة.
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه تعليق فوري من قبل الرياض، قال الحوثيون إن الاستهداف في إطارة عملية أطلقوا عليها “توازن الردع الأولى”.
وسبق أن استهدف الحوثي في مايو/أيار الماضي، محطتي ضخ أنبوب نفطي في المملكة، وأكدت الأخيرة، وقف التصدير بسبب الأضرار.
وقال العميد يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الحوثيين، في بيان صحفي اليوم، إن 10 طائرات مسيرة استهدفت حقل ومصفاة الشيبة التابعة لشركة أرامكو شرقي المملكة.
وتابع :”حقل ومصفاة الشيبة يضم أكبر مخزون استراتيجي للنفط في المملكة، ويتسع لأكثر من مليار برميل “.
واعتبر سريع أن “هذه العملية، التي أطلق عليها توازن الردع الأولى، تأتي في إطار الردع والردع المشروع على جرائم العدوان وحصاره”.
ووعد المتحدث نظام آل سعود بعمليات أكبر وأوسع إذا استمر العدوان.
واستطردت بالقول:” لا خيار أمام قوى العدوان ونظام آل سعود إلا وقف الحرب ورفع الحصار عن الشعب اليمني”.
ودعا سريع كل الشركات والمدنيين بـ “الابتعاد الكامل عن كل المواقع والأهداف الحيوية بالمملكة لأنها أصبحت أهدافا مشروعة ويمكن ضربها في أي وقت”.
في المقابل، أعلن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام أن استهداف المنشآت بالمملكة بطائرات مسيرة جاء للرد على “الجرائم والحصار” في اليمن.
وكتب عبد السلام على حسابه في تويتر “عملية استهداف منشآت سعودية حيوية جاءت ردا على استمرار العدوان في ارتكاب جرائم إبادة وفرض حصار على شعب بأكمله”، وتابع “لا خيار أمام شعبنا العزيز إلا الدفاع عن نفسه”.
وتشهد اليمن حربًا عنيفة بين القوات الحكومية مدعومة بقوات التحالف العربي بقيادة آل سعود من جهة، والمسلحين الحوثيين من جهة ثانية منذ أكثر من أربعة أعوام خلفت خسائر مادية وبشرية كبيرة في الجانبين بينهم مدنيون.
وكثف الحوثيون مؤخرا هجماتهم بالطائرات المسيرة على مواقع عسكرية ومدنية سعودية، إذ تحدثت الجماعة عن وجود بنك يضم 300 هدف داخل الأراضي السعودية.
وفي مايو/ أيار الماضي، أعلن الحوثيون شن هجوم مماثل بسبع طائرات مسيرة قالت إنه استهدف شركة “أرامكو”، فيما أعلن وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، حينها، تعرض محطتي ضخ لخط أنابيب ينقل النفط من حقول المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي، لهجوم من طائرات “درون” مفخخة.