فضح مؤشر دولي حدة القمع الممارس في السعودية وسحق حرية الرأي والتعبير فضلا عن غياب استقلالية القضاء في المملكة.
وأكد مؤشر الرقابة لحرية التعبير الدولي Index Censorship أن ولي العهد محمد بن سلمان يستخدم المحكمة الجزائية المتخصصة لاستهداف حرية التعبير على الإنترنت.
وذكر المؤشر المتخصص بالرقابة على حرية التعبير في العالم، أن محمد بن سلمان يتعمد إفساد القضاء، ويقلب الدولة ضد مواطنيها.
وبين أن السعودية تحاكم العلماء المعتدلين كإرهابيين لمجرد انتقاد انتهاكات السلطات، ما يبيّن إلى أي مدى يمكن أن تذهب إليه الحكومة لقمع أي صوت معارض”
وذكر المؤشر أن أحكام السجن الأخيرة من ابن سلمان ضد السعوديات تلقي مزيداً من الضوء على أنشطة المحكمة الجزائية المتخصصة.
وأشار إلى أنها باتت تتعامل مع قضايا النشطاء السلميين الذين تختلف وجهات نظرهم عن آراء حكام البلاد، منهبا إلى عدد الأشخاص الذين حُكم عليهم، وسجنوا، وحتى أعدموا بإجراءات غامضة للمحكمة.
وذكر المؤشر أن ذلك مع لائحة الانتهاكات المروعة للدولة السعودية تجاه حقوق الإنسان، وأن المحكمة الجزائية المتخصصة تفرض عقوبات أشد من المحاكم الجنائية السعودية الأخرى على جرائم مماثلة.
ونبه إلى أن السلطات السعودية تحرم المعتقلين من الوصول لمستشار قانوني، وتؤخر إصدار القرارات القضائية، كما تستند إداناتها لاعترافات منتزعة تحت التعذيب.
من جهتها قالت منظمة حقوقية إن السلطات السعودية تستخدم القضاء من أجل تجريم المنتقدين والمحتجين على خطاب الكراهية والدعوات الطائفية.
وأشارت المنظمة الاوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إلى أنه في 23 يونيو 2022، اعتقلت المملكة العربية السعودية الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي موسى علي الخنيزي، بعد استدعائه للتحقيق في النيابة العامة.
لم تعلن الحكومة السعودية رسميا عن سبب اعتقال موسى الخنيزي (23 عاما). لكن قبل اعتقاله بعدة أيام، شن الجيش الالكتروني السعودي حملة تحريض على اعتقاله، لإثارته “الفتنة الطائفية” بحسب تعبيرهم.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعية قد شهدت انتشارا لمقطع فيديو صرح فيه موسى الخنيزي أن الشيعة كانوا مضطهدين ويُشتمون على منابر الجمعة، في حوار مع امرأة على موقع التواصل الاجتماعي “تيك توك”.
يُعد الخنيزي من الشخصيات المشهورة في السعودية، كما تسعى مؤسسة إعلامية منذ أكثر من عام لإنتاج مسلسل درامي عن قصته.
وتعود القصة إلى العام 2020 حين كانت امرأة اسمها “مريم” تحاول استخراج بطاقة هوية لشاب تدعي أنه أبنها (موسى)، دونما حيازتها للأوراق الرسمية التي تثبت ولادته ونسبه.
وقد أثارت القضية شكوك الموظف، ما دفعه لإبلاغ الجهات الأمنية. بعد التحقيق وإجراء الفحوصات الطبية، اتضح أنها كانت قد خطفته من المستشفى عند ولادته من حضن والدته الحقيقة، من خلال التنكر بزي ممرضة.
مع مزيد من التحقيقات، أتضح كذلك أن “مريم” – التي عُرفت بعد ذلك باسم خاطفة الدمام – كانت قد خطفت طفلين أيضا قبل حوالي عشرين، ويعيشون معها كما لو كانوا أبنائها، بالإضافة إلى موسى.
أكسبت هذه القصة – الدرامية – موسى الخنيزي شهرة سريعة بعد رجوعه إلى أهله الحقيقيين عُقب 21 عاما على اختطافه.
على الرغم أنه كان يعيش في مدينة الدمام التي تبعد عن محافظة القطيف حوالي20 كيلو متر، حيث تسكن أسرته الحقيقية هناك، إلا أنه ترعرع في كنف خاطفته على أتباع المذهب السني، على خلاف عائلته الحقيقية التي تنتمي للمذهب الشيعي.
في جانب آخر من الحوار نفسه الذي أجراه موسى مع تلك المرأة، قال إنه كان يكره الطائفة الشيعية بشدة بسبب ثقافة الكراهية الموجودة في منابر الجمعة.
يحتقر رجال الدين الرسميين في السعودية عقائد الشيعة، كما يصنفونهم دائما بأعداء الإسلام. لا تسمح السعودية للشيعة والمذاهب الأخرى بالرد على رجال الدين الرسميين أو نقد خطابهم الداعي للكراهية.
في عام 2016 اعتقلت السعودية، المدافع عن حقوق الإنسان الشيخ محمد الحبيب. لاحقا صدر بحقه حكما يقضي بسجنه لمدة 7 سنوات بتهم التحريض على الطائفية والفتنة، على خلفية مطالباته بإيقاف تكفير الشيعة وازدراء عقائدهم.
أضافت المحكمة 5 سنوات أخرى على مدة سجن الشيخ الحبيب في دعوة مختلفة ترتبط بدفاعه عن المظاهرات السلمية والمطالبة بالإفراج عن داعية العدالة الاجتماعية الشيخ نمر النمر، الذي أعدمته السعودية في 2 يناير 2016 في مجزرة ضمت 46 آخرين. يقضي الشيخ الحبيب حاليا حكما بالسجن لمدة 12 عاما.
في 2009 اعتقلت السعودية داعية الاصلاح السياسي الشيخ توفيق العامر، على خلفية مطالباته بالملكية الدستورية.
ووجهت له النيابة العامة أيضاً، تهمة الاساءة لعلماء رسميين، لكونه كان قد اعترض على بيان لهم فيه إساءات للشيعة وعقائدهم.
بالرغم من تجريم السعودية الدعوة للكراهية في مسودة قانون العقوبات الجديد الذي لم يقر حتى كتابة هذا التقرير، إلا أن الصحف السعودية الرسمية لا تزال تسيء للشيعة بين الحين والآخر وتزدري عقائدهم.
كما لا تزال الحكومة السعودية تصنف رفض الشيعة العلني للممارسات الطائفية بحقهم كإثارة للطائفية والفتنة وإضرار باللحمة الوطنية.
واعتبرت المنظمة الاوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن اعتقال موسى الخنيزي تعسفي، وتصريحه عن اضطهاد الشيعة يندرج ضمن حرية الرأي.
ورأت المنظمة أن السعودية تدعم رجال الدين الرسميين الذين يحتقرون الشيعة ويزدرون عقائدهم ما ينتج عنه تمييز بحقهم في جميع المجالات، كما تستخدم القضاء من أجل تجريم المنتقدين والمحتجين على خطاب الكراهية والدعوات الطائفية.