ستطرح شركة أرامكو النفطية الحكومية أسهمها للاكتتاب العام مطلع الشهر المقبل، بعدما يقيّم المستثمرون المحتملون مجموعة من المخاطر الرئيسية التي قد تؤثر على تقييمها، وبينها تغير المناخ.
وبينما يستعد أكبر منتجي الهيدروكربون في العالم للإعلان عن النطاق السعري للأسهم الأحد، يرى محللون أن المخاوف من التغير المناخي والضغوط للانتقال إلى الطاقة النظيفة ستكون أحد العوامل المحددة لقيمة الشركة الأكبر تحقيقا للأرباح في العالم.
وكانت أرامكو حدّدت في نشرة الإصدار الخاصة بالاكتتاب العام السبت الماضي، عددا من المخاطر التي قد يواجهها مشترو الأسهم، من احتمال وقوع هجمات مماثلة لتلك التي استهدفت الشركة في أيلول/سبتمبر، إلى إمكانية انخفاض الطلب.
لكن الشركة المملوكة من النظام والتي تضخ نحو عشرة بالمئة من النفط العالمي يوميا، أعطت أهمية خاصة للتغير المناخي ولتأثيراته على عمل الشركة، على خلفية المطالب بخفض انبعاثات الكربون والانتقال إلى وسائل الطاقة المتجددة والبديلة.
وقالت في نشرة الإصدار “قد تؤدي المخاوف المتعلّقة بتغير المناخ (…) إلى خفض الطلب العالمي على المواد الهيدروكربونية واللجوء إلى استخدام الوقود الاحفوري الأقل كثافة لانبعاث الكربون (مثل الغاز) أو المصادر البديلة للطاقة كبديل لهذه المواد”.
ويُعتبر الوقود الأحفوري السبب الرئيسي لغالبية الغازات المضرّة، وبالتالي عاملا مؤثرا في التغير المناخي، في وقت تمارس المنظمات البيئية والأمم المتحدة ضغوطا كبرى على الدول والشركات النفطية لخفض انبعاثات الكربون.
ويرى أستاذ إدارة الأعمال الدولية بجامعة جورج واشنطن حسين عسكري أن “هذا هو العامل الأكثر إلحاحًا الذي يؤثر على تقييم أرامكو”.
ومن المتوقع أن يبدأ التداول في السوق المالية المحلية منتصف الشهر المقبل.
وتقرّر تأجيل الاكتتاب مراراً لأنّ تقييم الشركة وفقا لحسابات المصرفيين بعد اجتماعات مع مستثمرين محتملين، كان دون الحد الذي سعى إليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وهو ترليوني دولار، بحسب مصادر مطّلعة على الملف.
وسيتم طرح نسبة ضئيلة من أسهم شركة النفط العملاقة على أساس تقييم للشركة بـ 1,5 تريليون دولار، وفقا للمصادر ذاتها. وفي حال تأكيد هذه الارقام، فإن الشركة ستجمع نحو 30 مليار دولار من نسبة بيع 5 بالمئة.
ويقول توربيورن سولتفيدت، كبير المحللين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة “فيريسك مابلكروفت” الاستشارية، “لا شك في أن المخاطر البيئية والاجتماعية (…) عوامل مهمّة في حسابات المستثمرين”.
ويضيف “أصحاب المصارف والمستثمرون (…) يواجهون المزيد من التدقيق في محافظهم الاستثمارية من المساهمين والمنظمات غير الحكومية”.
وقاومت المملكة وشركاؤها في الخليج الذين تعتمد إيراداتهم إلى حد كبير على الوقود الأحفوري، لا سيما في مجال النفط، تدابير للانتقال السريع إلى الطاقة الخضراء.
وبدلاً من ذلك، تدعو هذه الدول إلى استخدام التكنولوجيا المتقدمة لخفض انبعاثات الكربون من الوقود الأحفوري لجعل الانتقال “تدريجيًا ومنصفًا” لاقتصاداتها.
واقترحت الرياض الشهر الماضي مبادرة لاعتماد “اقتصاد كربون دائري” لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وجعل الهيدروكربونات أكثر ملاءمة للبيئة، مشدّدة على أن الكربون ليس “العدو”.
وكانت دول الخليج التي تمتلك ثلث احتياطي النفط الخام في العالم وربع مخزونات الغاز، أطلقت برامج طموحة للطاقة النظيفة تعتمد على مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وفي مقدّمة هذه الدول الإمارات التي تقترب من تشغيل أربعة مفاعل نووية، وقد وضعت خطّة طموحة لتحويل 50 بالمئة من مصادر الطاقة إلى الطاقة البديلة والمتجددة.
ومع ذلك، تخطّط أرامكو لاستثمار 334 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة في قطاع النفط، استنادًا إلى شركة “المال كابيتال”، وهي شركة استثمارية مقرها دبي، وذلك بهدف ضمان استمرار انبعاثات الكربون.
ويقول الباحث جان فرانسوا سيزنيك من مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي (مركز ابحاث)، إنّ انتقال الطاقة إلى مصادر الطاقة المتجددة سيستغرق “بضعة عقود أخرى”.
ويضيف “سيكون هناك خفض” في تقييم أرامكو.