تصاعدت الاتهامات من أوساط يمنية إلى نظام آل سعود بالتخاذل إثر سقوط العاصمة اليمنية المؤقتة عدن في أيدي ميليشيات مسلحة تتبع لدولة الإمارات.
وأكدت مصادر متعددة أن عدن سقطت أمس في أيدي الميليشيا الانفصالية الجنوبية المدعومة ماديا وعسكريا من الإمارات العربية المتحدة في ظل تخاذل وغموض في موقف المملكة العربية السعودية، ازاء ما يحدث في عدن منذ الخميس الماضي، رغم أن الرياض تعلن دعمها لطرف القوات الحكومية التابعة للرئيس عبدربه منصور هادي.
وقال مصدر حكومي يمني إن “محافظة عدن سقطت السبت بالكامل في أيدي الميليشيا الانفصالية التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات”.
واتهم السعودية صراحة “بالتخاذل والخداع وبيع الحكومة الشرعية في اليمن لصالح المشروع الإماراتي في اليمن، عبر سحب قواتها فجأة من المناطق التي تواجدت فيها بعدن تعزيزا للقوات الحكومية لحماية المنشآت والمؤسسات السيادية وفي مقدمتها قصر المعاشيق الرئاسي، والبنك المركزي ومطار عدن ومقر الأمانة العامة لرئاسة الوزراء”.
وذكرت مصادر محلية أن ميليشيا المجلس الانفصالي الجنوبي المدعومة بقوات ثقيلة إماراتية سيطرت أمس السبت على كافة معسكرات الحرس الرئاسي ومعسكرات الجيش الأخرى في محافظة عدن، وفي مقدمتها معسكر اللواء الأول واللواء الثالث واللواء الرابع حرس رئاسي ومعسكر.
وأوضحت أن ميليشيا المجلس الانفصالي اقتحمت منزل نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، المدعوم من السعودية، وتضاربت الأنباء حول مصيره، حيث ذكرت مصادر انفصالية أنه تمت تصفيته عقب اقتحام منزله، فيما ذكرت مصادر أخرى أن الميسري غادر منزله فجر أمس قبيل سقوط محافظة عدن بساعات وتقدم الميليشيا الانفصالية من مقر إقامته.
وعاشت محافظة عدن وضعا عصيبا منذ الخميس الماضي مع اشتداد المعارك والمواجهات بين ميليشيا الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الانفصالي المدعومة عسكريا وماليا من الإمارات، وبين قوات الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي المدعومة من السعودية، حين بدأت المرحلة الحاسمة لمعركة (كسر العظم) بين الطرفين.
وكانت الأنباء تضاربت بشأن الوضع العسكري في محافظة عدن خلال اليومين الماضيين، وبالذات حول سقوط بعض المواقع العسكرية والمعسكرات التابعة لقوات الحماية الرئاسية، بعد أن انقضت عليها الميليشيا الانفصالية بشدة، لتحقيق ولو بعض المكاسب على الأرض، بعد أن تمكنت قوات الحماية الرئاسية من استعادة السيطرة على مطار عدن الدولي ومعسكر جبل حديد الاستراتيجي، بعد أن ظلت تسيطر عليها الميليشيا الموالية والمدعومة من الإمارات طوال السنوات الأربع الماضية والتي كانت حجر عثرة أمام عودة الرئيس هادي إلى الاستقرار في عدن، بسبب تهديد القوات الإماراتية له بالتصفية الجسدية في حال قرر الاستقرار في عدن، وحدثت العديد من المحاولات لاغتياله عندما حاول التمرد عن التوجه الإماراتي.
وكانت مصادر انفصالية ووسائل إعلامية ممولة من الإمارات أعلنت في البداية أن الميليشيا التابعة للمجلس الانفصالي تمكنت من السيطرة على مقر اللواء الرابع حماية رئاسية في عدن، في حين التزمت مصادر حكومية الصمت ولم تؤكد أو تنفي سقوط مقر معسكر اللواء الرابع حماية رئاسية، غير أن مصادر مقربة من المؤسسة العسكرية الحكومية، أكدت سقوط مقر هذا اللواء، نظرا لتخاذل القوات السعودية في عدن عن دعمه وتركته يواجه مصيره بنفسه، رغم قلة الامكانيات والعتاد التي يعانيها، في حين كانت الميليشيا الانفصالية مدعومة بعتاد ضخم وأسلحة إماراتية ثقيلة وحديثة.
وأرجعت هذه المصادر أسباب سقوط مقر معسكر اللواء الرابع حماية رئاسية الحكومي في أيدي ميليشيا الانفصاليين إلى عدم تكافؤ القوى، بين الطرفين وتخاذل القوات السعودية عن دعم وإسناد هذا اللواء بما يلزمه من قدرات ومعدات عسكرية ثقيلة توازي الذي زودت به الإمارات الميليشيا الانفصالية.
وأوضحت المصادر أن اللواء الرابع حماية رئاسية كان قليل التسليح وليس فيه معدات عسكرية أو ذخيرة كافية لمواجهة هذا الأمر العصيب بالإضافة إلى اشتداد القصف على مقره بالأسلحة الثقيلة الإماراتية ووقوع عشرات الضحايا في صفوفه جراء ذلك، أجبرت قيادته وأفراده على اتخاذ قرار بالانسحاب التكتيكي ومغادرة مقر المعسكر لوقف نزيف الدم والحد من الخسائر البشرية بين صفوفه.
وبدت المواجهات المسلحة في محافظة عدن وكأنها معركة بين القوات الإماراتية والسعودية بأدوات محلية وأسلحة تابعة لهما، غير أن الموقف الإماراتي واضح بخصوص دعم وتمويل الميليشيا الانفصالية، في حين أن الجانب السعودي غير واضح الموقف حتى الآن، حيث يقدم قدما ويسحب الأخرى، في وضع لا يعوّل عليه في هذه المواجهة العسكرية المصيرية، التي يترتب عليها سقوط الدولة اليمنية في عملية انقلابية مكتملة الأركان ضد الحكومة الشرعية بدعم وتمويل وتسليح إماراتي، في حال سقطت مدينة عدن في أيدي الميليشيا الانفصالية.
وشدّد وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محمد المقدشي، على أهمية التزام الوحدات العسكرية في مختلف المناطق والمحاور بالمحافظات المحررة بالاستعداد لتنفيذ المهام الموكلة إليها والحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة، والتصدي لأي “ممارسات خارجة عن النظام والقانون” في إشارة إلى المحاولة الانقلابية في محافظة عدن.
وقال المقدشي في بيان رسمي أمس الأول ان المؤسسة العسكرية “ملتزمة بمسؤولياتها الدستورية والوطنية في حماية مؤسسات الدولة والمصالح العامة والخاصة والمنشآت الحيوية، وحماية الثورة والجمهورية والمكتسبات الوطنية والسلم المجتمعي والحفاظ على النسيج الاجتماعي”.
وأكد وزير الدفاع اليمني في برقية مشتركة أيضا مع رئيس هيئة الأركان العامة لفريق الركن بحري، عبد الله سالم النخعي ان ما يحدث في محافظة عدن هو “انقلاب على مؤسسات الدولة” وأعلن أن المؤسسة العسكرية بكل تشكيلاتها المسلحة ووحداتها القتالية تقف خلف الشرعية الدستورية الممثلة بالرئيس هادي، مؤكدا أن القوات المسلحة اليمنية “ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن اليمن واستقراره ووحدته”.