سلطات آل سعود تلفق اتهامات بالفساد لتبرير اعتقالها ضباطا
لفقت سلطات نظام آل سعود اتهامات بالفساد لبرير حملة اعتقالات واسعة شنتها مؤخرا بحق مئات الضباط بعد أن ربطت تقارير غربية بين الاعتقالات ومحاولة انقلاب.
ولأول مرة أقرت سلطات آل سعود باعتقال المئات بينهم ضباط في وزارتي الداخلية والدفاع وقضاة بزعم التحقيق معهم ” بتهم ارتكاب جرائم فساد مالي وإداري” وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية (واس).
وذكرت الوكالة أن من بين الموقوفين ثمانية ضباط أحدهم برتبة لواء، وضباطا متقاعدين متهمين بجرائم رشوة وغسل أموال.
كما أُلقي القبض على 15 شخصا بتهمة استغلال النفوذ الوظيفي والرشوة بينهم لواء وعميد بأحد قطاعات وزارة الداخلية.
وأضافت الوكالة أن السلطات ألقت القبض كذلك على 14 شخصا، بينهم ثلاثة ضباط برتبة عقيد، وأربعة آخرون من منسوبي قطاعات وزارة الداخلية في المنطقة الشرقية.
وحسب الوكالة فإنه تم إلقاء القبض أيضا على ضابط برتبة مقدم في أحد قطاعات وزارة الدفاع أثناء تلقيه رشوة مقابل إخلاله بواجبات وظيفته.
كما تم ضبط قاض متلبسا بتلقي رشوة، بينما تم توقيف قاض ثان بتهمة استغلال نفوذه الوظيفي وتلقي رشوة، وذلك حسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية.
وفي عام 2017 تم احتجاز العشرات من أفراد النخبة الاقتصادية والسياسية السعودية في فندق ريتز كارلتون الرياض في حملة على الفساد أزعجت بعض المستثمرين الأجانب.
وفي العام الماضي، قال الديوان الملكي إنه وضع نهاية للحملة بعد مرور 15 شهرا. لكن السلطات قالت في وقت لاحق إنها ستبدأ في ملاحقة فساد موظفي الدولة.
وكان صحف غربية تحدثت على مدار الأسبوع الماضي عن حملة اعتقالات واسعة أمر بها ولي العهد محمد بن سلمان طالت أمراء كبارا وضباطا ومسئولين عسكريين.
ومن بين المعتقلين الأمير أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك سلمان والأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق والرجل القوى في المملكة لسنوات.
وأبرزت الصحف الغربية اتهام بن سلمان المعتقلين بمحاولة تدبير انقلاب ضده فيما ذكرت تقارير أخرى أن ولي العهد نفذ حملة استباقية خشية من الإطاحة به ولتعزيز فرصه في الوصول إلى العرض خلفا لوالده المسن.
قد أثار الأمر ضجّة إعلامية كبيرة قادتها كبريات الصحف الأميركية، وفي مقدمتها وول ستريت جورنال التي كشفت المسألة، ونشرت تفاصيل تتعلق بالخلفيات والتوقيت.
واعتبرت أغلبية وسائل الإعلام أن توقيت العملية مهم جدا، ويشكل نصف الإجابة، كونه يتعلق بقطع الطريق على تشكل تكتلات ضده من داخل الأجنحة المتضررة في العائلة (أولاد عبدالله، أولاد سلطان، أولاد فهد، أولاد نايف .. إلخ)، والتي تمتلك عمقا وامتدادات كثيرة داخل المجتمع السعودي.
يعتقد المراقبون أن بن سلمان يريد استباق أي أمر مفاجئ في طريق خلافة والده، وهذه مسألة حسّاسة تتعلق في جانبها الأول بصحة والده، الملك سلمان البالغ 85 عاما، والذي لم يعد يظهر على الملأ إلا بشكل متقطع وقليل ولوقت قصير جدا.
ويتعلق الجانب الثاني بتخوف محمد بن سلمان من عدم قدرته على فرض نفسه في غياب والده، ولذا يريد أن يصعد إلى العرش في حضوره، ما يسهّل أمامه العقبات بسبب سطوة والده، وقدرته على التأثير في الأوساط التقليدية، الدينية والقبلية التي لا يحظى بن سلمان بشعبية في داخلها.
ويكشف مستوى المعتقلين السعوديين عن الحالة الحرجة التي يعيشها بن سلمان، وهذا يذكي الاعتراضات التي صاحبت تخويله ولاية العهد، داخل الأسرة الحاكمة نفسها، وسعيه إلى إزاحة المنافسين له على العرش، في وقت تحدّثت وكالة “بلومبيرغ” عن مخطّط للانقلاب في المملكة.
مما يرجّح خطورة هذه الاعتقالات ودلالاته على مخاوف جِدِّيَّة من تمرُّد، أو انقلاب، طبيعةُ المنصب الذي تولاه كلٌّ مِن الأميرين، أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف؛ منصب وزير “وهو منصب قويٌّ يتولَّى الإشراف على القوَّات، وجهاز المخابرات السعودي”، بتعبير “وول ستريت جورنال”، وإنْ كانت مكانتهما تضاءلت في العائلة المالكة، في السنوات القليلة الماضية، مع تثبيت الملك سلمان ابنه محمد بن سلمان، وليّاً للعهد و”الحاكم الفعلي” للمملكة؛ ما يعني أن بن سلمان يحاول استباق تنازل والده الملك سلمان عن العرش، ليزيح منافسين له على العرش.