دور رئيسي لولي العهد في اتفاقيات التطبيع العربية مع إسرائيل
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن ولي العهد محمد بن سلمان له دورا رئيسيا في اتفاقيات التطبيع ولا تعنيه القضية الفلسطينية على غرار أعمامه السابقين، لافتة إلى أن السودان تحول إلى نقطة تركيز للجهود الأمريكية الرامية لتطبيع علاقاته مع اسرائيل.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الولايات المتحدة تعرض على الخرطوم المال وتقدم لها الوعود مقابل اعترافها بإسرائيل فيما لا تزال السعودية التي تعد الجائزة الكبرى بعيدة المنال.
وذكرت أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تهدف إلى تحقيق إنجاز دبلوماسي مع السودان قبل الانتخابات الرئاسية، مع أن المفاوضات قد تعرقلت بسبب حجم المساعدة المعروضة على السودان مقابل تطبيعه مع إسرائيل.
ولكن السعودية التي تعتبر مركز حملة واشنطن، فلن تتحرك على المسار نفسه هذا العام.
وكان ترامب قد قال: “هناك خمس أو ست دول” قد تتبع الإمارات العربية والبحرين في اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وهو أكبر إنجاز حققه في مجال السياسة الخارجية في فترة ولايته الأولى. وأضاف أن السعودية قد تكون واحدة منها.
واعترف مسؤولان إسرائيليان بارزان بمشاركة المسؤولين السعوديين في المفاوضات التي قادت لاعتراف البحرين والإمارات بإسرائيل، إلا أنه لا خطة لديهم القيام بنفس الأمر في المستقبل القريب.
وكشف المسؤولان اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن ولي العهد محمد بن سلمان شارك في المحادثات التي قادت إلى اتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل.
وقال أحد المسؤولين إن السعودية قامت بجهود سرية للضغط على دول في المنطقة لدعم عملية التطبيع الأخيرة.
ولم يستبعد البيت الأبيض إمكانية اعتراف سعودي بإسرائيل، ولم يرد على أسئلة الصحيفة يوم السبت فيما يتعلق بالمفاوضات. ويعتقد المسؤولون أن المنظور الأقرب للتحقق هو السودان.
وربطت الإدارة الأمريكية اعتراف السودان بإسرائيل قبل رفع اسمه عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو مطلب سوداني منذ وقت طويل. ويعود تصنيف الخارجية الأمريكية للسودان إلى 1993 ويقف عقبة أمام الخرطوم للحصول على إعفاءات من الديون والعون المالي الدولي.
ولكن موضوع التطبيع يعتبر خلافيا بدرجة عالية قد تؤدي إلى زعزعة استقرار البلد الخارج من ثورة أطاحت بنظام سابق في 2019.
وفي الأسبوع الماضي سافر الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني إلى الإمارات وأجرى محادثات مع المسؤولين الأمريكيين والإماراتيين حول إمكانية الحصول على رزمة مساعدات للسودان واقتصاده الضعيف، يمكن من خلالها تسويق عملية التطبيع مع إسرائيل.
وانتهت المحادثات بدون اتفاق بعدما فشل الطرفان بالموافقة على حجم الرزمة.
وقال مسؤول سوداني إنه عُرض على بلاده 800 مليون دولار كمساعدات واستثمارات مباشرة، تدفع معظمها الإمارات والولايات المتحدة بمشاركة إسرائيلية بعشرة ملايين دولار.
وطالب السودانيون من جانبهم بـ3 – 4 مليارات دولار لمعالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، التي أدت إلى زيادة الأسعار ونقص المواد الأساسية وأضافت ضغوطا على الحكومة الهشة في الخرطوم.
وأعرب المسؤولون الأمريكيون عن استعدادهم لرفع السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل دفعه تعويضات بقيمة 335 مليون دولار لعائلات ضحايا تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، والمدمرة كول عام 2000.
ويناقش الكثير من السودانيين أن تصنيف بلادهم لم يعد له ما يبرره، خاصة أن نظام عمر البشير قد انتهى العام الماضي.
وزاد من تعقيد المحادثات حول التعويضات الحاجة من الكونغرس لإعادة الحصانة السيادية للسودان بشكل يحميه من الملاحقة القضائية في أمريكا.
لكن الكونغرس منقسم حول الموضوع بعد اعتراض من عائلات ضحايا 9/11 التي قالت إنها تخطط لتقديم دعاوى ضد السودان الذي سمح لزعيم القاعدة، أسامة بن لادن بالإقامة في أراضيه حتى 1996.
وينفي السودان أي علاقة بهجمات أيلول/ سبتمبر 2001. كما ينقسم المسؤولون السودانيون حول مزايا الاعتراف بإسرائيل، وحذر بعضهم من اتفاقية متعجلة بدعم أمريكي قد تزعزع الاستقرار وتؤثر على عملية التحول الديمقراطي.
وقال جيفري فيلتمان وبيتون نوف من معهد بروكينغز: “لا أحد يريد تكرارا لاتفاقية السلام اللبنانية- الإسرائيلية عام 1983 والتي وقعتها حكومة لبنانية بدون دعم شعبي. وانهارت بعد عام”.
وللسودان وإسرائيل علاقات معقدة، فقد كانت إسرائيل هي من دفعت بشكل رئيسي لوضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب نظرا لعلاقاته القوية مع حركة.
وفي نهاية التسعينات والثمانينات من القرن الماضي، فرّ آلاف من اليهود الإثيوبيين إلى السودان على أمل الهجرة إلى إسرائيل، وقامت القوات الإسرائيلية بعملية سرية لنقلهم.
وبعد عام 2005 عندما بدأت إيران بنقل السلاح إلى حماس عبر السودان، بدأت إسرائيل بحملة استهداف منها عملية تدمير مصنع للأسلحة عام 2012 خارج الخرطوم.
إلا أن قطع السودان علاقاته مع طهران في 2016 ومن ثم الإطاحة بالبشير أدى لتحسن العلاقات بينهما.
وفي شباط/ فبراير الماضي التقى عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفتح المجال الجوي السوداني للطيران الإسرائيلي.
وبعد توقيع البحرين والإمارات اتفاقيات التطبيع ضغطت الولايات المتحدة على السعودية لتتخذ نفس الخطوة.
ولكن ولي العهد السعودي عبّر عن انفتاح للفكرة، واتخذ خطوات صغيرة في ذلك الاتجاه. فقد فتح المجال الجوي السعودي للطيران الإسرائيلي، وسمح للإعلام السعودي الذي يعبر عن الحكومة ومواقفها بدعم الاتفاق الإماراتي والبحريني مع إسرائيل ووصفه بالتاريخي.
ونشرت الصحافة السعودية مقالات عن تاريخ اليهود في العالم العربي لم تنشر من قبل.
وقال مسؤولون سعوديون سابقون وحاليون إن بن سلمان لا يشعر بالولاء للقضية الفلسطينية ولكنه يخشى من أن يغضب التطبيع مع إسرائيل المحافظين في المجتمع السعودي ويمكن أن يستخدمه المنافسون ضده.
وهناك كابح آخر للهرولة نحو إسرائيل، وهو والده الملك سلمان (84 عاما) المؤيد للقضية الفلسطينية. ويقول سعوديون إن الملك لن يسمح بالتطبيع مع إسرائيل قبل تسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وربما زادت وتيرة التقارب السعودي- الإسرائيلي بعد وفاة الملك. وتعمل أمريكا على حل النزاع الخليجي- الخليجي. ولا يستبعد المسؤولون الإسرائيليون كشف قطر عن علاقاتها مع إسرائيل بعد حل الأزمة.