تتصاعد المخاوف من لجوء إيران على الرد على العملية الأمريكية باغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني عبر استهداف المملكة.
ويجمع مراقبون أن طهران ترى أن نظام آل سعود هو المحرِّض الرئيسي والدائم لواشنطن على ضرب طهران، في وقت تظهر فيه إيران والمملكة متنافسان شرسان على النفوذ بالمنطقة.
ويبرز المراقبون أن المملكة قريبة جغرافيًا من إيران، وفيها أهداف استراتيجية كثيرة ضمن مدى صواريخها.
يأتي ذلك فيما تداول تحذير السفارة الأمريكية في الرياض مواطنيها المتواجدين في السعودية من مخاطر وقوع هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد أهداف مدنية وعسكرية.
وعندما تعرضت منشآت “أرامكو” النفطية الحكومية في بقيق وخريص لهجمات في 14 سبتمبر/ أيلول الماضي، وتبنّاها الحوثيون، نشرت مواقع إخبارية إيرانية مقطع فيديو لقاسم سليماني على الإنترنت، يمتدح فيه “أنصار الله” في اليمن.
وما هي إلا أشهر قليلة، حتى بات العالم يتحدث عن احتمالات الانتقام الإيراني عبر وكلاء إيران في اليمن، رداً على اغتيال الولايات المتحدة سليماني.
وكغيرها من المدن العربية التي تحولت ساحة لصراع عسكري وسياسي مرتبطة بإيران، كانت صنعاء بالنسبة إلى سليماني العاصمة العربية الرابعة التي تلحق بنفوذ إيران، وركز في خطاباته على محورين: الأول، اعتبار أن ما حدث فيها، من سيطرة للحوثيين الذين كان نفوذهم ينحصر في أقصى الشمال، انتصاراً استثنائياً لمشروع “الثورة” التي تتبناها إيران. أما البعد الآخر، فكان الهجوم على التحالف بقيادة آل سعود، والتشديد على أن الأخيرة لن تحقق ما تريد.
لقي خبر اغتيال سليماني ردود فعل منددة لدى الحوثيين ودعوات إلى الانتقام. السؤال الجوهري في السياق: ما الذي يمكن الحوثيين فعله، إذا ما اختارت طهران الرد على الضربة الأميركية عبر دفع أذرعها في المنطقة إلى تحركات عسكرية، وخصوصاً أن اليمن بالنسبة إلى إيران أبرز ساحة اختبرت حلفاءها فيها، خلال السنوات الماضية، وتبنوا هجمات غير مسبوقة ضد السعودية، خلال العام الماضي.
في الواقع، وبالنظر إلى تصريحات الحوثيين خلال الأشهر الماضية، بدا واضحاً أن الجماعة أحوج ما تكون إلى فترة تهدئة، الأمر الذي عبّرت عنه قياداتها مراراً وتكراراً منذ إعلانهم وقف الهجمات ضد السعودية، في 20 سبتمبر الماضي.
ومع ذلك، فإن هذه الحاجة قد تكون تغيرت بالنسبة إلى طهران، بعد أن رفعت الراية الحمراء، وأشار مسؤولوها إلى أنهم يتدارسون أو ينسقون للرد مع حلفائهم في المنطقة من بغداد إلى صنعاء.
يبدو اليمن بالنسبة إلى إيران أبعد من أن تطاول الأخيرة نيرانه المشتعلة، على عكس العراق الملتهب على حدودها، وما يجب التنبيه إليه في السياق، أن أي تصعيد يبقى مجهول العواقب في ظل التوتر الذي تعيشه المنطقة، واليمن لا يحتاج إلى مزيد من الأسباب في الحرائق المشتعلة، منذ اجتياح الحوثيين لصنعاء قبل أكثر من خمس سنوات.
وفي غضون 4 أيام، دعت المملكة مرتين للهدوء وعدم التصعيد بالمنطقة بعد مقتل سليماني.
وفي مؤتمر صحفي عقد أمس الإثنين بالرياض، قال وزير الخارجية في نظام آل سعود فيصل بن فرحان، إن بلاده لا ترغب في رؤية مزيد من التصعيد في التوترات بالمنطقة في لحظة بالغة الخطورة.
وأضاف أن المملكة حريصة كل الحرص على عدم حدوث أي تصعيد في الوضع بالمنطقة، وأنه ينبغي الانتباه إلى المخاطر التي تحدق بالأمن العالمي وليس أمن المنطقة فحسب.
وعبر عن أمل المملكة في أن تتخذ جميع الأطراف الخطوات الضرورية لمنع المزيد من التصعيد وأي استفزاز.
ومساء الجمعة، وعقب مرور ساعات قليلة على مقتل “سليماني”، دعت المملكة في تصريح أوردته الوكالة الرسمية لمصدر مسؤول في المملكة (لم تسمه)، جميع الأطراف لضبط النفس لدرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع.