سلطت عدة مؤشرات الضوء على التوتر المكتوم الذي تشهده علاقات المملكة وباكستان؛ بسبب خلافات في العديد من الملفات وأبرزها أزمة إقليم كشمير.
ومن هذه المؤشرات انتقادات مفاجئة من قبل مسؤولين باكستانيين لمنظمة التعاون الإسلامي، التي تتخذ من السعودية مقرا لها، وتقارير عن سحب الرياض دعمها المالي لإسلام آباد، إضافة إلى سداد باكستان قرضا للمملكة قبل موعد استحقاقه.
فبعد قرار الحكومة الهندية إلغاء المادة 370 من الدستور التي تمنح إقليم كشمير المتنازع عليه وضعا خاصا، عبرت باكستان في مناسبات عدة عن احباطها بشأن موقف منظمة التعاون الإسلامي حيال القضية.
وقد جددت المنظمة بدورها، في أحدث بيان حول القضية بمناسبة مرور عام على صدور القرار الهندي، دعوتها إلى تسوية النزاع وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وفي نبرة غير معتادة، شن وزير الخارجية الباكستاني “شاه محمود قريشي” هجوما حادا على المنظمة، الأسبوع الماضي، خلال حديث لقناة “أري نيوز” المحلية، منتقدا ما سماه “عدم اكتراث” المنظمة وتأجيلها الدائم لعقد اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء من أجل دعم الكشميريين.
وقال قريشي إن بلاده قد تلجأ للبحث عن حل لقضية كشمير بعيدا عن المنظمة.
وأضاف قريشي: “إذا فشلت منظمة التعاون الإسلامي في عقد ذلك الاجتماع، فسنعقد اجتماعا خارج إطار المنظمة. باكستان لا يمكنها الانتظار أكثر. نحن لا نستطيع أن نصمت بعد الآن بشأن معاناة الكشميريين”.
على الجانب الآخر، تشهد الروابط بين المملكة والهند، الخصم التقليدي لباكستان، نشاطا ملحوظا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد زيارة ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” إلى نيودلهي في فبراير/شباط 2019، والتي سعى خلالها إلى توسيع التجارة غير النفطية بين البلدين، معربا عن أمله في زيادة الاستثمارات بالهند إلى 100 مليار دولار خلال عامين.
وبعد أيام من القرار الهندي بإلغاء الوضع الخاص بقضية إقليم كشمير، وقعت شركة “أرامكو” السعودية للنفط اتفاقا مع الهند بقيمة 15 مليار دولار؛ ما أثار غضب أوساط باكستانية كانت تنتظر موقفا سعوديا مساندا بشكل واضح لبلادهم. الأمر الذي لم يحققه بيان الخارجية السعودية الذي حض “طرفي النزاع” في كشمير على المحافظة على السلام والاستقرار والعمل على التوصل إلى تسوية سلمية وفقاً للقرارات الدولية.
في الوقت نفسه، نشرت وسائل إعلام باكستانية تقارير تحدثت عن سداد إسلام أباد للرياض قرضا بمليار دولار قبل موعد استحقاقه، وسط حديث عن تقليص دعم المملكة المالي لباكستان.
وكان القرض جزءا من حزمة إنقاذ بقيمة 6.2 مليارات دولار أعلنت عنها الرياض في أكتوبر/تشرين أول 2018. وتضمنت قروضا بقيمة 3 مليارات دولار وتسهيلات ائتمانية للحصول على إمدادات نفطية.
ونقلت صحيفة “ذي إكسبريس تربيون” الباكستانية عن مصادر قولها إن إسلام أباد لم تتسلم شحنات النفط المتفق عليها منذ مايو/أيار الماضي؛ إذ انتهت مدة سريان الاتفاق قبل شهرين، من دون تجديده من جانب الرياض.
وأشارت مصادر إلى تقديم الصين قرضا إضافيا لباكستان بمليار دولار لحمايتها من الآثار المترتبة عن التراجع السعودي المحتمل.
ففي أواخر 2019، دار جدل حول ما وصف بممارسة السعودية ضغوطا على باكستان لحثها على عدم حضور القمة الإسلامية المصغرة في ماليزيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
من جانبها، أوضحت المملكة أن سبب مقاطعتها القمة هو أنها لا ترى أنها الساحة المناسبة لطرح القضايا التي تهم العالم الإسلامي. بينما رجح محللون أن المملكة تخشى العزلة من أطراف أقليمية كإيران وتركيا وقطر، وتعتبر القمة محاولة لإنشاء كتلة إسلامية جديدة.
وقال الرئيس التركي “رجب طيب إردوغان”، حينها، إن المملكة استخدمت ملفي ترحيل العمالة الباكستانية وسحب ودائعها من البنك المركزي الباكستاني لدفع إسلام أباد إلى التراجع عن حضور القمة، وهو الأمر الذي نفاه الطرفان.
غير أنه وبعد أقل من شهرين من اعتذار إسلام أباد عن المشاركة في القمة، قام الرئيس التركي بزيارة لباكستان شهدت محادثات لتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري، وألقى خلالها كلمة داخل الجمعية العامة للبرلمان وتعهد بالوقوف بجانب إسلام أباد ضد “الضغوط السياسية” التي تتعرض لها.