أقام متضامنون ونشطاء حقوقيون مقاما رمزيا للصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي أمام القنصلية السعودية في إسطنبول التي قتل داخلها.
وأعلن ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، افتتاح المقام، ليكون مزارا لقبر خاشقجي الذي لم يقم بسبب اختفاء جثته.
وقال أقطاي خلال مشاركته في الفعالية، إنهم جاؤوا ليذكروا العالم بقضية خاشقجي.
واستهل المشاركون افتتاح المقام بقراءة الفاتحة على روح الفقيد، وبالتأمين على دعاء “عصام تليمة”، الداعية المصري، الذي رجا زوال الذين قتلوا خاشقجي وأمروا بالجريمة وتستروا عليها، وكذلك جميع من يقترفون جرائم ضد المطالبين بالحرية.
وشدد “تليمة” في كلمة خلال الافتتاح على عدم مشروعية إسقاط القصاص عن قتلة خاشقجي بدعوى عفو أولياء الدم، على اعتبار أن الجريمة بحق الصحفي الراحل تقع في دائرة الحق العام.
وتابع أن جرائم القتل بحق شخصية كخاشقجي ليست لها عقوبة في الشريعة إلا الإعدام ولا يجوز تخفيفها.
وفي السياق، أكد حقوقيان أن قضية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي التي هزت الرأي العالم العالمي “لن تختفي للأبد، وستظل أصابع الاتهام تشير إلى أشخاص لم تتم محاسبتهم، رغم تواري القضية وتعطيلها”.
الحقوقي أحمد مفرح، قال إن جريمة قتل خاشقجي “تحولت من مقتل صحافي إلى قضية رأي عام دولي، لذلك لن تدفن أو تطوى صفحاتها”.
واعتبر أن “القضية جريمة نظام سياسي يحكم بلدا عربيا، يستغل سلطاته الممنوحة له في القانونين المحلي والدولي لارتكاب جرائم قتل بطرق وحشية بحق معارضيه”.
وأضاف أن “ملف القضية لن يدفن، لأنه ببساطة لم يدفن”، في إشارة إلى جثة خاشقجي التي لم تكشف السلطات السعودية عن مصيرها بعد قتله في إسطنبول.
وأكد المدير التنفيذي لـ”كوميتي فور جستس” (مقرها جنيف)، أن لذلك “اعتبارات مهمة، منها أنها جريمة قتل خارج إطار القانون لا تسقط بالتقادم، فمهما طال الوقت ستظل القضية حية”.
ولفت إلى أن “القضية ستظل حية لأن المسؤولين عن قتله ما زالوا طلقاء لم تتم معاقبتهم”، موضحا: “أقصد هنا المسؤولين عن عملية القتل والمشاركين فيها، وكذلك من أمروا بها وعلى رأسهم محمد بن سلمان”.
ورأى مفرح أن “المسلسل الذي قام به النظام السعودي لما سماه تحقيقات ومحاكمات (في القضية) لن ينطلي على أحد، فهو يفتقر إلى أدنى درجات الاستقلالية والشفافية والمهنية”.
وتابع: “ناهيك عن أن ما تم في قضية خاشقجي أقرب لمحكمة سرية يخشى القائمون عليها أن تنفضح، فيصبحوا أضحوكة أمام العالم”.
وزاد بأن “قضية خاشقجي ليست ملكا لعائلته، وليسوا هم المعنيين بمنح البراءة أو حتى إصدار الإدانة”، في إشارة إلى إعلان أبنائه عفوهم عن قتلة والدهم “لوجه الله”، بحسب تغريدة لنجله صلاح في 22 مايو/ أيار الماضي.
واستطرد: “جريمة مقتله منظمة، ارتكبتها قوات تابعة لنظام سياسي في بلد آخر (تركيا) ذي سيادة، وكل طرف يثبت تواصله بأنه كان على علم أو ساعد في ارتكابها، متورط فيها”.
بدوره، قال علاء عبد المنصف إنه “من الممكن أن تكون قضية خاشقجي توارت قليلا، لكنها حية وأصابع الاتهام تشير إلى أشخاص لم تتم محاسبتهم”.
وأكد أن “ظروف المحاكمة السرية (في الرياض) تشير إلى أن الأمر برمته سياسي بروتوكولي، لإظهار أن السعودية طبقت القانون وحاكمت المجرمين”.
واعتبر أن “العامل الرئيسي المؤثر في القضية هو التدخل الصارخ للسلطات السعودية في المحاكمة، وذلك لاشتراك جهات من الأسرة الحاكمة في الجريمة”، مستندا إلى ما تؤكده منظمات دولية بهذا الشأن.
وأشار عبد المنصف إلى أنه “لولا الضغط الدولي والأمم المتحدة، وشفافية المؤسسات التركية في الملف وعرضه للإعلام والمجتمع الدولي، لدفنت القضية بشكل كامل”.
ويذكر هنا أن المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامار، تابعت على الدوام مجريات القضية منذ وقوع الجريمة في إسطنبول.
وفي مارس/ آذار 2020، أصدرت النيابة العامة التركية، لائحة اتهام بحق 18 شخصا مشتبها فيه بالقضية، وانطلقت بعدها بنحو أربعة أشهر، أولى جلسات القضاء التركي لمحاكمتهم غيابيا.