في تصعيد لنهجه القائم على الانقلاب على سياسات المملكة ومواقفها وضمن تورطه بعار التطبيع مع إسرائيل واليهود، استقبل محمد بن سلمان وفدا من الإنجيليين الأميركيين، في ثاني زيارة يقوم بها وفد مماثل إلى المملكة .
وأفادت الوكالة الرسمية أنه خلال لقاء بن سلمان والوفد الذي ترأسه الكاتب الإسرائيلي الأميركي جويل روزنبرغ، “جرى التأكيد على أهمية بذل الجهود المشتركة لتعزيز التعايش والتسامح ومكافحة التطرّف والإرهاب”.
وعقب اللقاء كتب روزنبرغ في تغريدة على تويتر “يشرّفني جدا أن أعود إلى المملكة العربية السعودية للمرة الثانية في أقلّ من عام”.
وأضاف “التقينا ولي العهد وبمسؤولين كبار آخرين لمناقشة الإرهاب والسلام والحرية الدينية وحقوق الإنسان”.
وأتت الزيارة قبيل الذكرى السنوية لاعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة، علما بأن غالبية الانتحاريين الذين اختطفوا الطائرتين اللتين اصطدمتا بالبرجين التوأمين في نيويورك، كانوا سعوديين.
وكان بن سلمان استقبل وفدا إنجيليا أميركيا برئاسة روزنبرغ أيضا في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 في مسعى منه لتحسين صورة النظام أمام الغرب خصوصا إسرائيل.
ومؤخرا نشرت مجلة تايمز أوف الإسرائيلية عن طبيعة العلاقات بين إسرائيل والرياض ووصفتها بأن لها عمق استراتيجي وعمق أكبر بكثير من عالم التدوين بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان.
وتطرقت المجلة في تقريراً موسعاً, إلى تطبيع المدونين والصحفيين السعوديين مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وذكر الموقع الإسرائيلي أن طالب سعودي قام بنشر مقطع فيديو خاص به على صفحته الشخصية عبر تويتر في 29 مايو من الشهر الماضي، قائلاً: “مرحباً بالجميع، اسمي محمد سعود، أنا من المملكة العربية السعودية وأحب إسرائيل، وأتمنى أن تكون هناك علاقة دبلوماسية بين بلدنا وإسرائيل”.
وتطرق الموقع الإسرائيلي إلى مدون سعودي أخر حيث قام بتكريس حسابه بالكامل تقريبًا للعلاقات مع إسرائيل واليهود والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فعندما أرسل حساب جريدة “The Times of Israel” رسالة له عبر تويتر، وافق سلطان الكدون السعودي البالغ من العمر (37 عامًا) فوراً على الإجابة على الأسئلة التي طرحتها عليه الجريدة الصهيونية.
ونقلت المجلة تغريدة سلطان كاتباً عبر تويتر: ” لا توجد لدي مشكلة مع إسرائيل، وإن القدس مدينة مقدسة ومهمة للمسيحين واليهود فقط، في حين أن الأماكن المقدسة في الإسلام هي مكة والمدينة “، مضيفاً: “نحن، جيل الشباب، نطمح إلى إقامة علاقات طبيعية مع جميع الدول، ونعلم أيضًا أنه قبل 70 عامًا لم تكن هناك دولة فلسطينية، بينما اليهود كانوا موجودين منذ 3000 عام، بالنسبة لنا، ليس للقدس أي أهمية، فالأماكن المقدسة للإسلام هي مكة والمدينة، فنحن نريد السلام والتعايش”.
ولفتت المجلة إلى أنه في الوقت الحالي، لا يوجد دليل يدعم أي اتصال حكومي رسمي مع المدونين، ومع ذلك، فإن انتشار المدونين أمر مهم، حيث يعتقد خبير أمني صهيوني يتعامل مع المملكة ودول خليجية أخرى أن المدونين قد يكونون وسيلة لسلطات آل سعود لقياس الرأي العام وجس نبض الشارع والشعب.
وبدوره، قال المسؤول السابق في أحد فروع الأمن القومي في دولة الاحتلال الإسرائيلي في تصريح صحفي لصحيفة التايمز أوف إسرائيل، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه: “هناك تغيير يحدث، إنه تغيير جذري وحقيقي، ففي هذه الأيام، عندما يحاول ولي العهد محمد بن سلمان تغيير صورة بلده، فإن إحدى الطرق لتحقيق ذلك هي التقارب مع إسرائيل واليهود”.
وأكدت المجلة أن العلاقات بين إسرائيل والمملكة لها عمق استراتيجي وعمق أكبر بكثير من عالم التدوين، ولكن هذه الظاهرة غير العادية ربما تكون أحدث علامة على حدوث تغيير في الموقف تجاه الدولة اليهودية داخل المملكة العربية السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان.
وأوضحت المجلة الإسرائيلية أنه يميل بعض المحللين إلى تسمية ولي العهد، محمد بن سلمان بأحرف اسمه الأولى “MBS” والذي يمثل رمزاً ومحفزاً للتغيير ازلي ظهر حديثاً في المملكة ، فقد أقام بن سلمان علاقات وثيقة مع جاريد كوشنر صهر ترامب وكبير مستشاريه، وكذلك مهندس خطة السلام في الشرق الأوسط، حيث أظهر موقفًا إيجابيًا تجاه إسرائيل في العديد من المناسبات الرسمية.
ونوهت المجلة إلى أن الوضع الاقليمي في العلاقات بدأ يتحول منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، وكان مرتبطًا بخطة السلام السعودية التي ستعتمدها قريبًا جامعة الدول العربية لحل القضية الفلسطينية ولإرساء السلام في الشرق الأوسط، والتي أطلق عليها اسم مبادرة السلام العربية.
واكدت المجلة أن مسؤولو الاستخبارات والسياسيين في إسرائيل والمملكة تعاونوا بشغف وبشكل مكثف، وكثيراً ما التقوا في أماكن سرية بعيداً عن أعين الإعلام، بالإضافة لتحسن العلاقات مع دول الخليج الأخرى، بما في ذلك الزيارة الرسمية النادرة التي قام بها نتنياهو إلى عمان العام الماضي، حيث كان ثاني رئيس للوزراء في دولة الاحتلال والوحيد الذي زار البلاد بعد اسحاق رابين الذي سبقه في ذلك، كذلك زادت البيانات المؤيدة لزيادة العلاقات بين قادة سلطنة عمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة ودولة الاحتلال الاسرائيلي.
وتحدثت المجلة أن في المملكة، يواصل آل سعود في الوقت الحالي إقناع الشعب السعودي بشكل متواصل بأهمية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بينما على الجهة الأخرى، فإن العديد من الأصوات في العالم العربي والإسلامي ستكون سعيدة باستغلال هذه الفرصة لمهاجمة السعوديين بسبب موقفهم الجديد تجاه الدولة الصهيونية .
وبحسب المجلة، أنه في مارس 2018م، أخبر بن سلمان رؤساء الجماعات اليهودية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها أن القيادة الفلسطينية يجب أن تقبل مقترح السلام الذي وضعته إدارة ترامب ، و التي لا تذكر بوضوح حل الدولتين .
وقال ولي العهد محمد بن سلمان حينها: “على مدار الأربعين عامًا الماضية، أضاعت القيادة الفلسطينية الفرص مراراً وتكراراً، ورفضت جميع العروض التي قُدمت لها، لقد حان الوقت لأن يقبل الفلسطينيون العروض التي تُقدم لهم، ويوافقون على الحضور إلى طاولة المفاوضات، أو ينبغي عليهم أن يصمتوا ويتوقفوا عن الشكوى”.
وبعد ذلك بوقت قصير، وذُكر أن، الملك سلمان، قرر استعادة السيطرة على السياسة العامة للبلاد فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لأن الرياض ورام الله كانتا تنجرفان عن بعضهما البعض بسرعة كبيرة ومقلقة، فمن المحتمل أن الملك شعر أن ابنه الشاب ووريثه كان يبدي تحولاً متطرفاً للغاية، حيث اختار الملك العودة إلى السياسة التقليدية المتمثلة في دعم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
و مع ذلك ، فإن العديد من السعوديين يشهدون أن التغيير في الموقف تجاه دولة الاحتلال حقيقي و لا يمكن إنكاره . حيث يعتقد البعض أيضاً أن إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين بات قاب قوسين أو أدنى .
وتطرقت الصحيفة إلى التقارب بين السعودية ودولة الإحتلال الإسرائيلي، قائلاً: إن التحريض والكراهية انخفضتا ضد الاحتلال الإسرائيلي واليهود بشكل كبير على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، ويدل على اندثار الفكر المعادي لدولة الاحتلال لدى الجيل الشاب في المملكة العربية السعودية .
وأشارت المجلة إلى أن الحكومة الصهيونية تدرك بوضوح أن طريق التطبيع الكامل بين الاحتلال والرياض ما زال مسدوداً بسبب وجود السلطة الفلسطينية في رام الله كعاصمة إدارية مؤقتة لفلسطين المحتلة في الوقت الراهن، ولتحقيق هذه الغاية، هم على استعداد لتمويل الفلسطينيين والضغط عليهم من أجل التوصل إلى حل مقبول للطرفين، مما سيسهل أيضاً الوصول إلى تحالف إسرائيلي سعودي أمريكي ضد إيران في المنطقة .
ولفتت المجلة إلى أنه قبل 52 عامًا في الخرطوم، بعد وقت قصير من انتهاء حرب الأيام الستة عام 1967م، رفع قادة الدول العربية شعار: “لا للاعتراف بإسرائيل، لا للمفاوضات مع إسرائيل، لا للسلام مع إسرائيل”، مشيرةً إلى أن اليوم، بدأ أحفاد بعض هؤلاء القادة في إعلان الموافقة على كل ما قد رفضه أجدادهم، لكنهم لا يزالون مرتبطين بالواقع الخطير للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وختم الموقع متسائلاً: “السؤال المهم الآن، هو ليس كيف ستتطور العلاقات الثنائية بين الاحتلال والرياض بقيادة محمد بن سلمان ، ولكن ما إذا كانت حكومة صهيونية مستقبلية ستستخدم هذا المناخ السياسي والتطبيع الإيجابي في العالم العربي من أجل التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، وفي نهاية المطاف الحصول على كل شيء؟