في فضيحة مشينة جديدة عمدت هيئة حقوق الإنسان في السعودية إلى التستر على إخفاء قسري لناشط حقوقي بما يفضح واقع دورها باعتبارها أداة حكومية للتغطية على الانتهاكات الجسيمة.
فقد أصدرت زوجة المدافع السعودي البارز عن حقوق الإنسان محمد القحطاني بيانًا ينفي بشكل قاطع ادعاء مسؤول سعودي بأنّ القحطاني كان على اتصال مؤخرًا بأسرته.
واتّهمت هيئة حقوق الإنسان السعوديّة المدعومة من الدولة بالتستر على الانتهاكات التي ترتكبها السلطات، بما في ذلك اختفاء القحطاني المستمر.
وقالت منظمتي القسط ومنَا لحقوق الإنسان إن هذا التستر نموذجي لدور هيئة حقوق الإنسان السعوديّة في تبييض سجل السلطات السعوديّة الصارخ في مجال حقوق الإنسان، وتدعوان إلى وضع حد لهذه الممارسة التعسّفية.
اختفى محمد القحطاني، وهو أحد مؤسسي جمعيّة الحقوق المدنيّة والسياسيّة في السعوديّة (حسم) المنحلّة حاليًّا، قسرًا منذ 23 أكتوبر 2022، بعدما أتم محكوميّته المحدّدة في 10 سنوات على خلفيّة أفعال تندرج تحت حقه في حريّة التعبير.
وقد فشلت السلطات السعوديّة في توضيح مصيره ومكان وجوده، حيث لا تزال قضيّته معروضة على فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي منذ نوفمبر 2023.
وأخبرت رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعوديّة، هلا التويجري، الدبلوماسيّين الأمريكيّين مؤخّرًا أن القحطاني كان على اتصال بأسرته وتحدّث إليهم عبر الهاتف في الأيّام الأخيرة، ونفت كونه مختفٍ قسريًّا.
وعند معرفة ذلك، ردّت زوجة القحطاني، مها القحطاني، ببيان نيابة عن الأسرة قالت فيه إن رواية التويجري للأحداث “عارية تمامًا عن الصحّة”، وأن زوجها لم يكن على اتصال بالأسرة لكنه ظلّ مختفيًا قسريًّا.
ودعت هيئة حقوق الإنسان السعوديّة والتويجري إلى الكشف عن مصير القحطاني ومكان وجوده، وضمان تمكّنه من التواصل مع أسرته وتلقّي الرعاية الطبيّة والعلاج المناسبين.
كما وأدان البيان عدم استجابة السلطات لأي من طلبات الأسرة العديدة للحصول على معلومات، ودعا إلى الإفراج الفوري عنه.
وتتابع القسط ومنَا لحقوق الإنسان قضية القحطاني بقلق متزايد، وتريان تعليقات التويجري نموذجيّة لكيفيّة عمل هيئة حقوق الإنسان السعوديّة: ليس كهيئة مستقلة تحمي حقوق الإنسان وتدافع عن ضحايا انتهاكات السلطات، ولكن كأداة للتستر على انتهاكات السلطات السعوديّة.
وكما أُبرز في تقرير صادر عن منَا لحقوق الإنسان والمنظّمات غير الحكومية الشريكة، تصرّفت هيئة حقوق الإنسان السعوديّة بطريقة مماثلة تجاه العديد من ضحايا الانتهاكات الآخرين، ومن بينهم نشطاء حقوق المرأة الذين تعرّضوا للتعذيب والمتّهمين القاصرين الذين يواجهون عقوبة الإعدام.
وعلّقت مسؤولة حقوق الإنسان في منَا لحقوق الإنسان، فلاح السيّد، قائلة: “تبيّن الادعاءات الكاذبة لهلا التويجري بشكل أكثر وضوحًا من أي وقت مضى أن الدور المفترض للهيئة في تعزيز حقوق الإنسان في السعوديّة هو في الواقع مجرّد خدعة. فهو يعمل فقط على تضليل الرأي العام”.
كما وتسلّط هيئة حقوق الإنسان السعوديّة الضوء مجدّدًا على غياب المساءلة والرقابة في السعوديّة. فلا يُسمح حاليًا برصد مستقلّ للسجون في البلاد، وترفض السلطات التعاون مع هيئات الأمم المتحدة، مما يحرم المكلّفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصّة للأمم المتحدة من الوصول إلى البلاد.
وخلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير للمملكة أمام مجلس حقوق الإنسان، دعت عدة دول السلطات السعوديّة إلى قبول مثل هذه الزيارات.
وعلّقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط، لينا الهذلول، قائلة: “مع فشل هيئة حقوق الإنسان السعوديّة الذريع في الوفاء بولايتها، ومنع السلطات السعوديّة نشر المعلومات، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى منح المنظّمات الدوليّة لحقوق الإنسان والخبراء الدوليّين حق الوصول لزيارة البلاد ورصد الواقع على الأرض”.
ودعت القسط ومنَا لحقوق الإنسان السلطات السعوديّة إلى الكشف الفوري عن مكان وجود محمد القحطاني والإفراج عنه، والتوقف عن استخدام هيئة حقوق الإنسان السعوديّة كغطاء لانتهاكاتها لحقوق الإنسان.
وطالبتا الولايات المتحدة باتخاذ المزيد من التدابير الاستباقيّة للإفراج عن القحطاني، الذي يحمل أطفاله الجنسيّة الأمريكيّة، وحثا حكومات الدول الأخرى على اعتبار هيئة حقوق الإنسان السعوديّة محاورًا غير قابل للتطبيق في مفاوضاتها المتعلّقة بالقضايا الفرديّة.