أكدت 12 منظمة حقوقية دولية أن في رسالة إلى المكتب الدولي للمعارض أن انتهاكات السعودية تحتّم استبعاد ترشيحها لاستضافة معرض أكسبو 2030.
ودعت المنظمات في رسالة مشتركة تلقى “سعودي ليكس” نسخة منها، إلى استبعاد ترشيح المملكة كمضيف محتمل لمعرض إكسبو الدولي 2030 بسبب سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان المعترف فيه والموثق دولياً.
وأكدت الرسالة أن استضافة السعودية للفعاليات الترفيهية والرياضية يشكل تبييضاً لقمع الحكومة، ولسجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان في كل من الماضي والحاضر.
وأوضحت أن بعثة التحقيق التابعة للمكتب الدولي للمعارض مكلفة بتقييم “مستوى الدعم للمعرض بين المواطنين ومجموعات المصالح الخاصة والمجموعات السياسية والشركات”.
بناء على ذلك وكجزء من عملية تقييم المكتب الدولي للمعارض، دعت المنظمات باتريك سبيشت، رئيس بعثة التحقيق ورئيس لجنة الإدارة والميزانية للمكتب الدولي للمعارض، لإجراء مشاورات رسمية مع الموقعين وأصحاب المصلحة الآخرين كجزء من تقييم الأثر على حقوق الإنسان.
على وجه الخصوص، حثت المنظمات على النظر في استخدام السعودية المستمر لعقوبة الإعدام ، وسحقها للنشاط الحقوقي، وإسكات المدافعين عن حقوق المرأة، واستهداف المعارضين خارج حدودها، بالإضافة إلى قيودها الصارمة على حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات.
يصف المكتب الدولي للمعارض المعارض الدولية بأنها “فعاليات عالمية مكرسة لإيجاد حلول للتحديات الأساسية التي تواجه البشرية” و “منصة للحوار الدولي لصالح التقدم والتعاون”.
في حين أن عنوان السعودية المقترح لاستضافة معرض إكسبو في عام 2030 ، “عصر التغيير: معاً من أجل غد بعيد النظر“، يظهر على أنه يعكس هذه الطموحات، ولكن سلوكها يتناقض بشكل صارخ مع قيم ورسالة المكتب الدولي للمعارض وقد يؤدي إلى سوء سمعة المنظمة والفعالية. تتعارض انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة التي ترتكبها السلطات السعودية مع روح إكسبو الدولي.
وأبرزت المنظمات الحقوقية مواصلة السلطات السعودية فرض عقوبة الإعدام على نطاق واسع وبشكل تعسفي، بعد محاكمات جائرة.
في عام 2022، أعدمت السلطات 147 شخصاً، أي أكثر من ضعف العدد في العام السابق على الرغم من وعد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عام 2018 بالحد من استخدام عقوبة الإعدام.
ونُفذت عمليات إعدام بحق المتهمين بالاحتجاج على المحاكمات الجائرة التي انطوت على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، وكذلك بحق أكاديميين وسجناء رأي وحتى قاصرين.
وفي الوقت الحالي، هناك ما لا يقل عن تسعة شبان معرضون لخطر الإعدام لارتكابهم جرائم يُزعم أنهم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين.
وأشارت الرسالة إلى أن السعودية تواصل سجن المدافعين عن الحقوق المدنية والسياسية وحقوق المرأة، كما أنها تبقي المدافع البارز عن حقوق الإنسان والمؤسس المشارك للجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم) محمد القحطاني، في ظروف سجن غير إنسانية تجاوزت انتهاء مدة عقوبته المطولة والظالمة.
في قضية مروعة بشكل خاص، توفي أحد مؤسسي حسم المسن عبد الله الحامد، في الحجز في أبريل 2020 بعد أن تعمدت السعودية إهمال احتياجاته الطبية.
ونبهت المنظمات إلى أن السعودية تعتقل بشكل روتيني الأفراد وتحتجزهم لممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والتحدث علناً عن حقوق الإنسان.
في قضيتين بارزتين عام 2022، حُكم على طالبة الدكتوراه سلمى الشهاب بالسجن 34 عاماً (تم تخفيض المدة لاحقاً إلى 27 عاماً)، ونورا القحطاني إلى 45 عاماً بموجب قانون مكافحة الإرهاب وتمويله الصارم لعام 2017. قبل اعتقالهما، أعربت المرأتان عن دعمهما على تويتر لناشطات حقوق المرأة في السعودية.
وشددت الرسالة على أن القمع السعودي يمتد الآن بانتظام حتى إلى ما وراء حدودها.
وفقاً لتقرير حديث، تقوم السعودية بمراقبة مادية ورقمية للمعارضين السعوديين.
والمثال الأكثر بشاعة حتى الآن هو مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018، يد عملاء سعوديين في القنصلية في اسطنبول بتركيا.
وجدت كل من مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية والمقررة الخاصة السابقة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي، أغنيس كالامارد، أدلة كافية لاستنتاج أن أمر القتل قد صدر عن ولي العهد محمد بن سلمان، والذي التقى به المكتب الدولي للمعارض خلال بعثة التحقيق التابعة له في مارس 2023. .
بالإضافة إلى ذلك، فإن القيادة السعودية ليس لديها أي ندم في متابعة المشاريع الباهظة بغض النظر عن الخسائر البشرية. على سبيل المثال، تدعي السعودية أن مشروع نيوم للمدينة الذكية سيكون “مُسرِّعاً للتقدم البشري الذي سيجسد مستقبل الابتكار في الأعمال التجارية وحيوية واستدامة”.
وأشارت المنظمات إلى أنه في الحقيقة منذ عام 2020، أدى بناء نيوم إلى نزوح عدد من القبائل من السكان الأصليين في محافظة تبوك، وكثير منهم عوقبوا بشكل غير عادل وغير متناسب لمقاومتهم الإخلاء.
ومن بين هؤلاء قبيلة الحويطات، التي حُكم على العديد من أفرادها بالسجن لعقود طويلة وحتى بالإعدام بتهم ملفقة تتعلق بـ “الإرهاب”، لمجرد معارضتهم تهجيرهم.
وقد شجبت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة مؤخرًا هذه الانتهاكات وحثت “جميع الشركات المتورطة، بما في ذلك المستثمرين الأجانب، على التأكد من أنها لا تتسبب في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو تساهم فيها، وأن لا ترتبط ارتباطاً مباشراً بها”.
في هذا السياق، لا يستطيع المسؤولون السعوديون الادعاء بأن نيوم سوف “تسرع التقدم البشري” و “تبتكر سبل العيش” عندما تتجاهل الحكومة بوضوح التأثير على الظروف المعيشية للمواطنين وتسرع في تجريدهم من حقوقهم الأساسية.
في حين أن بعثة التحقيق التابعة للمكتب الدولي للمعارض قد “أعجبت” بقدرة السعودية على استضافة المعرض، شددت المنظمات على أنه من الأهمية بمكان أن تدرك أن هذه محاولة أخرى لتبييض انتهاكات القيادة السعودية السابقة والقمع المستمر.
وأوضحوا أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في السنوات الأخيرة لا تظهر بوادر تراجع، ولا يرجح أن تتوقف بوعود فارغة للتغيير والابتكار ومشاريع التنمية الضخمة.
ونبهت المنظمات إلى أن الممارسة المنهجية لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية لا تتماشى مع قيم المكتب الدولي للمعارض والمعرض العالمي، وحثوها على أخذ ذلك في الاعتبار عند تقييم ترشيح الرياض لاستضافة معرض إكسبو الدولي 2030.
وطلبت المنظمات على وجه التحديد من اللجنة التنفيذية للمكتب الدولي للمعارض إعلان أن ترشيح السعودية غير قابل للتطبيق، وعدم طرحه على الجمعية العامة للتصويت، حيث أنه لا يمكن للسعودية “إيجاد حلول للتحديات العالمية التي تواجه البشرية”، ولا يمكنها “تفضيل التقدم والتعاون”، في حين أن سجلها المحلي في مجال حقوق الإنسان والمشهد الاجتماعي السياسي مليء بالانتهاكات المتفشية التي هي، على العكس من ذلك، رجعية.
والموقعون على الرسالة هم: القسط لحقوق الانسان، وسيفيكوس، والديمقراطية الآن للعالم العربي، والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، ومؤسسة حقوق الإنسان (HRF).
كما وقع على الرسالة مركز تفعیل الحقوق، ومنظمة معا ضد عقوبة الإعدام، ومنّا لحقوق الإنسان، ورايت لايفهود، وسلام للديمقراطية وحقوق الانسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT).