أزمة صامتة عكسها تقرير المخابرات الأمريكية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد السعودية محمد بن سلمان.
وأثار غياب الموقف المصري الرسمي عن إبداء أي موقف علني لدعم الموقف السعودي إزاء تقرير مقتل الصحفي جمال خاشقجي، الجدل حول تزايد الفتور بين القاهرة والرياض.
وفي الوقت الذي سارعت فيه دول خليجية وعربية لدعم وتأييد رفض السعودية للعقوبات الأمريكية ضمن سياسة “حظر خاشقجي”، لم يصدر بعد تعليق مصري رسمي إلى الآن.
أبواق إعلامية
الصمت المصري اللافت والغريب، بدده بعض الشيء، النائب والإعلامي المصري، المقرب من السلطة مصطفى بكري.
واعتبر بكري قضية خاشقجي أنها حسمت بمحاكمة المتورطين وإدانتهم داخل المملكة.
ودخل على الخط الإعلامي المصري المقرب من السعودية عمرو أديب، منتقدا التقرير وواصفا إياه أنه “يغلب عليه الظن وأنه خال من الأدلة”.
صمت رسمي
لم يتجاوز الرد المصري ساحة الإعلام، بينما غابت الرئاسة المصرية تماما، وكذلك وزارة الخارجية، والسفارة المصرية في الرياض، عن إصدار أي موقف بشأن التقرير
ولم تبدى هذه الجهات الرسمية أي شكل من التضامن مع “بن سلمان”، وهو ما أثار على ما يبدو امتعاض المملكة.
وعلى الرغم من أن السيسي كتب تدوينة عبر “فيسبوك”، هنأ فيها “بن سلمان” على تعافيه من الجراحة التي خضع لها أخيرا.
فإن الفتور بدا أنه سيد الموقف بين الرجلين، وأن إشارات نحو أزمة مكتومة وقائمة بين الرياض والقاهرة، قد تتصاعد مستقبلا.
ويبدو أن التجاهل المصري لإبداء التضامن مع بن سلمان، ربما يقف وراءه عدم رضا القاهرة عن خطوات تسريع المصالحة الخليجية مع قطر.
وذلك دون الاهتمام بالمطالب المصرية من الدوحة، أو النظر بعين الاعتبار للهواجس القائمة إزاء الأجندة القطرية في ملفات عدة.
وهو ما ترجم في غياب “السيسي” عن “قمة العلا” يناير/كانون الثاني الماضي، وتمثيل مصر فقط بوزير خارجيتها “سامح شكري”.
وقد يزيد من حدة الخلاف المكتوم، تصريحات وزير الدولة السعودي لشؤون أفريقيا، “أحمد القطان”، الأسبوع الجاري، والتي زعم خلالها فوز المرشح الرئاسي “أحمد شفيق” برئاسة مصر 2012.
وتزوير النتائج لصالح مرشح جماعة الإخوان الرئيس الراحل محمد مرسي، تمهيدا لحرق الجماعة، وإفساح المجال أمام عودة الجيش مجددا إلى السلطة، في إشارة إلى علمه بانقلاب يوليو/تموز 2013.
ويرى مراقبون أن تصريحات “قطان” ربما تكون رسالة تذكير من السعودية لـ”السيسي” بأن وصوله إلى الرئاسة غير الشرعي، بعدما كان وزيرا للدفاع.
كان أمرا مخططا له بدعم من المملكة، مع إمكانية استدعاء ورقة “شفيق” من جديد للمناورة، حال لزم الأمر.
أزمة صامتة
نظرة أخرى للمشهد، ترى أن الصمت المصري إزاء تقرير خاشقجي كان محاولة من القاهرة لعدم استفزاز واشنطن وتجنب الصدام مبكرا مع إدارة بايدن
التي بصدد تقييم علاقتها مع نظام “السيسي”، ومراجعة الملف الحقوقي في مصر، بعدما تعهد الرئيس الأمريكي خلال حملته الانتخابية.
ويشعر النظام المصري بقلق من تصاعد مطالب المعارضة المصرية، إضافة إلى منظمات حقوقية دولية.
ولا سيما بضم مسؤوليه ضمن نطاق تطبيق قانون “حظر خاشقجي”، ومحاسبتهم لارتكاب جرائم تفوق في بشاعتها جريمة مقتل “خاشقجي”.
وبلا شك، فإن التجاهل المصري لـ”تقرير خاشقجي”، قد يجنب نظام “السيسي” الصدام مبكرا مع الإدارة الأمريكية من جانب.
لكنه سيثير بالتأكيد علامات استفهام عديدة في الرياض، من شأنها رفع حالة التوتر في العلاقات المصرية – السعودية، وصولا ربما إلى أزمة حقيقية قائمة، لا تخطئها العين، بين “السيسي” و”بن سلمان”.