ضاعفت جائحة كورونا والأوبئة ونقص الغذاء والدواء من أزمات اليمن الذي يشهد حربا مدمرة من تحالف عربي تقوده الجارة السعودية.
وشهد العام الماضي فجوة كبيرة في تمويل العمليات الإنسانية، التي تقوم بها منظمات الأمم المتحدة في اليمن.
وأبرزها “برنامج الغذاء العالمي” ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
ومن أصل التمويل المطلوب لتغطية نفقات خطة الاستجابة الإنسانية لـ2020 البالغ 3.2 مليار دولار.
لم تتسلم الأمم المتحدة سوى 1.65 مليار دولار، وفق بيان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن صدر في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في سبتمبر/أيلول الماضي أن نقص التمويل أدى إلى إغلاق 15 برنامجاً إنسانياً رئيسياً من أصل 45، أي ثلث البرامج الأساسية.
وأضافت في بيان أن الوكالات الأممية اضطرت، بين أبريل/نيسان وأغسطس/آب الماضيين، إلى تقليص توزيع المواد الغذائية
وكذلك تقليص المساعدات الصحية في أكثر من 300 مرفق صحي في البلاد.
وأدى نقص التمويل إلى تعليق عمل 70% من مراكز خدمات الصحة الإنجابية التي يدعمها “صندوق الأمم المتحدة للسكان” في سبتمبر/أيلول الماضي.
قبل أن تعاود النشاط في أوقات لاحقة بعد حصولها على تمويل. لكن لا يُعرف ما إذا كان العمل قد عاد بشكل كلي أم جزئي.
أزمات متفاقمة
وفي 2020، ازدادت نسبة الجوع وسوء التغذية بشكل غير مسبوق، وسط تحذيرات من عواقب إنسانية وخيمة حال استمر الصراع دون تدخل إنساني متواصل.
وقالت منظمتا “يونيسف” والأغذية والزراعة “فاو” و”برنامج الغذاء العالمي” في بيان مطلع الشهر الماضي أن درء المجاعة عن اليمن يتلاشى مع مرور كل يوم.
وأفادتا بأن عدد الأشخاص الذين يعانون من هذه الدرجة من انعدام الأمن الغذائي الكارثي يمكن أن يتضاعف ثلاث مرات تقريباً بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2021.
وتابعتا أن “أعداد الأشخاص الذين يواجهون المرحلة الرابعة من انعدام الأمن الغذائي- مرحلة الطوارئ –
على وشك الزيادة من 3.6 مليون إلى 5 ملايين شخص في النصف الأول من 2021.
وسيضع ذلك أيضا على شفا السقوط في ظروف كارثية، وربما مجاعة، إذا لم يحدث تغيير في المسار.
وحذرت من أن “أكثر من نصف السكان (16.2 مليون شخص) سيواجهون مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 3) .
والمرحلة الثالثة بحلول منتصف 2021، مع وجود العديد من الأشخاص على عتبة الانزلاق إلى مستويات متفاقمة من الجوع.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حذر أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، من خطر وشيك في اليمن.
وسينتج عن هذا الخطر ملايين الوفيات بسبب المجاعة، ما لم يتم اتخاذ خطوات فورية.
وأرجع جويتريش ذلك، في بيان، إلى تخفيض كبير في تمويل عملية الإغاثة من قبل الأمم المتحدة في 2020 مقارنة بعامي 2018 و2019.
وأشار إلى أسباب أخرى تتعلق بـ”الإخفاق في الحفاظ على الدعم الخارجي للاقتصاد اليمني، لا سيما استقرار قيمة الريال اليمني، والصراع المستمر”.
وباء كورونا
ثم جاءت تداعيات وباء كوفيد-19 لتلقي بثقلها على كاهل اليمنيين، حيث فقد الكثير منهم أعمالهم ومصادر رزقهم مع بدء انتشار الوباء في البلد، مطلع أبريل/نيسان الماضي.
وأثر الوباء بشكل كبير على التحويلات المالية للمغتربين اليمنيين في الخارج.
وقالت منظمة “أوكسفام” الإنسانية الدولية، في يونيو/حزيران الماضي، أن التحويلات المالية للمغتربين تراجعت بنسبة 80% خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2020.
وأرجعت ذلك لعدة أسباب أبرزها فقدان يمنيين لوظائفهم في دول الخليج.
ويستند ملايين اليمنيين في معيشتهم على تحويلات المغتربين في الخارج، خصوصا في السعودية.
ويشكل المغتربون أحد أهم وسائل جلب العملة الصعبة لليمن.
وفي 2020، تراجع الريال اليمني إلى أدنى مستوى في تاريخه، حيث تجاوز سعر الدولار الـ900 ريال، مطلع الشهر الماضي.
وفقد أكثر من ربع قيمته في 2020، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وفق تقارير أممية.
ومع تشكيل الحكومة الجديدة، في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، سجل الريال تحسنا،
وبات الدولار يصرف بنحو 700 ريال. لكن أسعار السلع ما زالت ثابتة على ارتفاعاتها السابقة، بسبب عدم ثقة التجار بالاستقرار المتواصل للعملة.
وربما يواجه اليمن في 2021 عاماً آخر لن يقل صعوبة عن سابقه، إذا لم تحدث انفراجة سياسية نحو وقف الحرب.
وتقول تقارير أممية إن 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليونا، يحتاجون إلى مساعدات.
وبين هؤلاء 12 مليون طفل في حاجة ماسة إلى مساعدات، فيما وصلت معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في بعض المناطق إلى مستويات قياسية.
مسجلة زيادة 10% في 2020، وفق تقرير لـ”يونيسف” صدر في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأدت الحرب المتواصلة منذ 6 سنوات إلى نزوح قرابة 3.7 مليون شخص، يعيش معظمهم في ظروف معيشية بالغة الصعوبة.
إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 233 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.