تجمع أوساط حقوقية على أن نظام تأشيرة “أزاد” للعمال الوافدين إلى السعودية تمثل وجه أخر لنظام الكفالة سيء السمعة بما يوفره للكفلاء من سلطة مطلقة على المكفولين.
وبرغم أن الإصلاحات العمالية الأخيرة في السعودية تزعم إلغاء نظام الكفالة، إلا الممارسات الاستغلالية المرتبطة به لا تزال قائمة، بحسب منظمة MigrantRights الحقوقية.
ونظام الكفالة هو إطار قانوني ينظم العلاقة بين العامل الأجنبي وأصحاب العمل. ويوفر للكفلاء – الأفراد أو الشركات – سلطة مطلقة على المكفولين.
وتحصل شركات القطاع الخاص على حصص “كوتا” للحصول على تأشيرات لاستقدام العمال المهاجرين للتسهيل أعمالها، فيما يحصل الأفراد على حصة “كوتا” لتأشيرات استقدام العمالة المنزلية بناء على احتياجاتهم واستقراراهم المالي.
وبإمكان الكفيل، من جهته، أن يستفيد من بعض التأشيرات ضمن حصته في شكل تأشيرة “أزاد” (الحرة او فري) من أجل تحقيق الربح، إذ يدفع العمال للكفيل رسوماً بشكل منتظم، مع تغطية كافة تكاليف استصدار التأشيرة في مقابل حرية العمل لدى أصحاب عمل آخرين.
وبرغم من عدم قانونية هذه الممارسة، إلا أنها خلقت فرصاً للآلاف المهاجرين للعمل بشكل مستقل. ومن الممكن أن يكون هذا الترتيب مربحاً للكفيل وفي الوقت نفسه مفيدة للعمال إذا ما سارت الأمور بشكل جيد.
وبرغم أن حاملي تأشيرة “أزاد” هم نظاميين، إلا أنهم دائماً معرضون للاحتجاز والترحيل بسبب عملهم غير النظامي لدى أصحاب عمل غير كفلائهم وهو أمر غير قانوني. ومع الحملات المتزايدة للتفتيش على هذه الممارسات، يصبحون أكثر عرضة لفقدان سبل عيشهم.
في مايو 2022، أعلنت إدارة الأمن العام عن عقوبة على أصحاب العمل الأفراد ممن يسمحون لموظفيهم بالعمل لدى أصحاب عمل آخرين أو بشكل مستقل لصالحهم.
ويواجه هؤلاء المخالفون غرامة تصل إلى 100,000 ريال سعودي كحد أقصى، والسجن لما يصل لستة شهور. كما سيحظر عليهم توظيف الأجانب لما يصل إلى 5 سنوات.
ومع ذلك، فخلال الأشهر القليلة الماضية واجه مهاجرون ممن يعملون، وأحياناً يديرون أعمالاً تجارية كاملة وهم من حاملي تأشيرة “أزاد”، الاضطهاد بسبب المداهمات المتكررة ضد المهاجرين غير النظاميين، أو أي عامل أجنبي مخالف لقوانين الإقامة.
وحذرت المديرية العامة للجوازات من أنه على العمال أن يعملون فقط لدى الكفيل/صاحب العمل الرسمي، وأن لا يعملوا بشكل مستقل لحسابهم الخاص أو لدى آخرين، وأن المخالفين سيتعرضون لعقوبة بالسجن، والغرامة، والترحيل.
ولا تتوفر بيانات حول عدد المحتجزين من حاملي تأشيرة “أزاد”، إلا أنه هناك زيادة مقدارها 400% في غرامات الكفلاء المخالفين لقوانين التوظيف، إذ ارتفعت هذه الغرامات من 20,000 ريال سعودي في 2013 إلى 100,000 ريال سعودي بالإضافة إلى السجن لمدة ستة شهور حالياً.
انتقل نواز خان إلى مكة، حيث تمكّن من الحصول على رخصة سياقة، واشترى سيارة بعد مرور عدة أشهر على عمله في وظيفة غريبة. وهو يعمل الآن كسائق خاص في السعودية على مدى ثلاثة عقود.
يقول خان: “كنت في العشرينات من العمر عندما كان يفد الكثير من الباكستانيين إلى السعودية ويحصلون على فرص عمل جيدة. كان ابن عمي متواجداً في مكة في ذلك الوقت، واعتقدت أنها ستكون أكبر نعمة لو تمكنت من أن أعيش حياتي هنا”. فمكة ليست مدينة الإسلام المقدسة فحسب، فهي أيضا المدينة الأكثر تنوعاً ويعيش فيها مئات الآلاف من المقيمين – الذين إما أن يكون قد قدموا لأداء فريضة الحج وبقوا فيها، أو أنهم من نسل هؤلاء الحجاج.
ومع ذلك، لم يكن خان قد دخل إلى السعودية بتأشيرة الحج. فقد نجح في الحصول على كفيل لكفالة تأشيرته للعمل قبل وصوله، وتوقع أن يحصل على عمل يكسب منه أجراً محدداَ، حتى أدرك بعد وصوله أن هناك سوقاً للسواق تحت الطلب.
كذلك عمل خان كسائق مستقل على مدى الـ 25 عاماً الماضية. وبرغم أنه كان يعمل لحسابه الخاص بكل معنى الكلمة، إلا أنه كان مسجلا تحت كفالة صاحب عمل سعودي على الورق لكون ذلك متطلب قانوني.
يقول خان: “أعمل كسائق لدى عدد من العائلات، البعض يحتاجني لتوصيل أبنائهم من المدرسة، والبعض بحاجة لتوصيل زوجاتهم للعمل، فيما آخرين يحتاجونني لتوصيل والديهم المسنين إلى بيوت أصدقائهم مرة واحدة في الأسبوع – هكذا سارت الأمور”.
ويضيف خان أنه وكفيله تربطهما علاقة صداقة جيدة، وأن هذا الترتيب سار بشكل جيد لكليهما لسنوات.
يدفع خان لكفيله 2,000 ريال سعودي (530 دولار أمريكي) شهرياً ليبقيه تحت كفالته، بالإضافة إلى تحمله تكلفة رسوم تجديد التأشيرة والتي تتراوح بحسب نوع التأشيرة، ولكنها في الوقت الحالي حوالي 10,000 ريال سعودي ( 2,660 دولار أمريكي) سنوياً.
ومن بين المهاجرين الذين يختارون تأشيرة “أزاد”، تعتبر عاملات المنازل هن الأكثر عرضة للخطر بسبب السيطرة التي يمتلكها صاحب العمل.
وبرغم من أن تأشيرة عاملات المنزل هي الأقل كلفة، إلا أن عاملات المنازل يواجهن قيوداً قانونية أكبر بكثير من العمال المهاجرين الآخرين، وإن كانت الإصلاحات الأخيرة تهدف لتسهيل تحويل صاحب العمل.
وتباع تأشيرة عاملات المنازل في السوق السوداء بحوالي 10,000 ريال سعودي (2,660 دولار أمريكي). وتعتبر تأشيرة “عامل عام” هي أكثر التأشيرات رواجاً وتبلغ تكلفتها حوالي 14,000 ريال سعودي (3,730 دولار أمريكي).
أما تأشيرة “أزاد” للمهن الأعلى مهارة كالمحاسبين مثلا، فمن الممكن أن تباع بما يصل إلى 20,000 ريال سعودي (5,330 دولار أمريكي).
ويقول عامل آخر يحمل تأشيرة “أزاد” أنه عرف عنها من خلال مجموعات الفيسبوك. ويقوم وكلاء التأشيرات وهم في الغالب باكستانيون وهنود، بالعمل على ربط السعوديين الراغبين في كفالة تأشيرة، بأولئك الراغبين في الهجرة من بلدانهم.
ولأن هذه الممارسة غير قانونية، فلا توجد أية بيانات عن عدد المهاجرين الذين يحملون تأشيرة “أزاد”، وكم يبلغ حجم الإيراد الذي تجلبه هذه التأشيرة للبلد، لكنه من الواضح أنها ممارسة شائعة على مدى سنوات – وعلى الأقل لعدد قليل من المهاجرين فهي ممارسة ناجحة إلى حد ما.