توقعات دولية بانحدار شامل لسهم أرامكو
تتوقع أوساط اقتصادية دولية أن يتجه سهر شركة أرامكو النفطية الحكومية إلى الانخفاض دون سعر الطرح في تعاملات بسبب فشل محادثات أوبك وانهيار أسعار النفط.
وقالت لوكالة “بلومبيرغ” إنه من المتوقع أن يواجه سهم أرامكو مخاطر الهبوط دون سعر الطرح العام الأولي عندما تستأنف عمليات التداول في البورصة في الرياض.
وانخفض سهم أرامكو بنسبة 6٪ فقط في عام 2020 ليغلق عند 33 ريالا (8.8 دولارات) يوم الخميس، وهو آخر يوم تداول في الأسبوع، حيث انخفض مؤشر تداول السعودي القياسي بنسبة 11٪ هذا العام.
ويتوقع وفقا لوكالة “بلومبيرغ” أن تواجه أرامكو المزيد من ضغوط البيع عند استئناف التداول مما قد يدفعه إلى ما دون سعر الاكتتاب العام، وسيكون ذلك بمثابة ضربة كبيرة لمواطني المملكة، الذين تم تشجيعهم على الاستثمار في الشركة، بعد أن رأى المستثمرون العالميون إلى حد كبير أنه قد تمت المبالغة في تقديرها وبقيت بعيدة. ويمكن أن يعوق أيضا خططا لمزيد من مبيعات الأسهم في الشركة.
يوضح تهاوي أسعار النفط بنسبة 30% منذ بداية العام الجاري، أيضًا مدى ارتباط ربحية أرامكو بالسياسة في الرياض. حيث تراجعت الأسعار بعد أن رفضت روسيا المقترح السعودي بتعميق تخفيضات إنتاج النفط، مؤكدة أنه “من المبكر جداً التنبؤ بتأثير تفشي فيروس كورونا على طلب الطاقة العالمي”.
ومن المتوقع بالفعل أن تنخفض أرباح أرامكو بنسبة 16٪ إلى 348 مليار ريال لعام 2019، بناءً على تقديرات المحللين، بسبب تخفيض الإنتاج الذي أمرت به وزارة الطاقة في المملكة لمحاولة دعم أسعار النفط.
وأرجأت الشركة أيضًا إصدار إعلانها الشهري عن تسعير النفط الخام لشهر أبريل/نيسان إلى ما بعد قرار “أوبك +” لمعرفة ما إذا كان الحلف قد دعم تخفيضات الإنتاج التي رفعت الأسعار، وفق ما قاله أشخاص مطلعون على الأمر لبلومبيرغ.
وإذا انخفض سعر أرامكو أكثر، فقد يثني ذلك عن بيع المزيد من الأسهم في الشركة للمساعدة في تمويل صندوق الثروة السيادية.
وقال رئيس مجلس إدارة أرامكو ومحافظ صندوق الاستثمار العام ياسر الرميان في مقابلة معه الأسبوع الماضي إن السعودية لديها برنامج لزيادة مبيعات الأسهم المخطط لها، سواء في المملكة أو في بورصة دولية.
وقال مراقبون إن سهم أرامكو، كما هي الحال بالنسبة لأسهم شركات النفط والبتروكيماويات بمنطقة الخليج، يتأثر في الوقت الحالي بعدد من المعطيات لعل أبرزها المخاوف من انتشار فيروس كورونا وتأثيراته على الأسواق العالمية، وتراجع أسعار النفط في ظل تخمة في المعروض.
ولم يستبعد المراقبون أن يواصل سهم أرامكو نزوله في الفترة المقبلة إذا لم تتم محاصرة فيروس كورونا، الذي بدأ يزحف نحو منطقة الخليج. وخسرت عقود النفط معظم مكاسبها التي حققتها منذ بداية التداولات. وبلغت أسعار عقود برنت نحو 56.33 دولارا للبرميل. كما استقرت عقود الخام الأميركي عند 51.41 دولارا.
وكانت عقود النفط هبطت في الجلسة السابقة بأكثر من 4%. وسجل برنت أكبر هبوط يومي منذ أوائل هذا الشهر نتيجة مخاوف بشأن تفشي فيروس كورونا.
وانخفاض سهم أرامكو إلى أقل من المستويات التي سجلت في بدايات إدراج السهم في ديمسبر/كانون الأول الماضي يعزى لعدة عوامل، من أهمها تراجع ثقة المستثمرين بالسهم، وانخفاض الطلب العالمي على النفط بسبب تأثيرات كورونا، بالإضافة إلى تداعيات العوامل الجيوسياسية المضطربة بالمنطقة.
كما أن ارتفاع الإنتاج الأميركي وتراجع اعتماد السوق الأميركية على نفط الخليج ألقيا بظلالهما على خيارات المستثمرين، فيما الهجمات التي تعرضت لها منشآت أرامكو في الفترة الأخيرة وضعت أكثر من علامة استفهام أمام قدرة المملكة على حماية منشآتها النفطية.
وتواجه أسواق النفط نقصا في الطلب بواقع 200 مليون برميل خلال الربع الأول، في ظل تراجع بمعدل أربعة ملايين برميل يوميا من الصين جراء تأثر الاقتصاد بفيروس كورونا والقيود على حركة السفر.
كما أن تراجع الإمدادات من ليبيا وفنزويلا وآفاق خفض الإنتاج المتوقع من دول منظمة أوبك يخففان من حدة المخاوف في الأسواق وكافة هذه العوامل سوف تساعد في موازنة الـ200 مليون برميل، وهو ما سيترك السوق في وضع أفضل خلال النصف الثاني من العام الجاري.
ويلاحظ أن طرح أسهم أرامكو حمل مخاطر إجرائية وقانونية كثيرة، خاصة أن ثقة المستثمرين الأجانب في اقتصاد المملكة وفي أرامكو تزعزعت بسبب “أخطاء كارثية” ارتكبها نظام آل سعود مثل اغتيال الصحفي جمال خاشقجي واحتجاز المئات من رجال الأعمال السعوديين.
والمشكل الأساسي يكمن في انخفاض أسعار النفط لأسباب جيوسياسية، بالإضافة إلى تعرض مقرات الشركة المتواصل لهجمات وصواريخ الحوثيين.
كما يعزو مراقبون فشل آل سعود في طرح أسهم أرامكو بالسوق العالمية بسبب التحكم الحكومي التام في قرارات الشركة وغياب الشفافية، حيث لجأ النظام إلى السوق المحلية وأجبرت العديد من رجال الأعمال السعوديين على شراء أسهم لإعطاء الشركة قيمة سوقية تصل إلى تريليوني دولار.
وهناك مؤشرات خطيرة على اقتصاد المملكة بسبب تزعزع سمعة المملكة أمام المستثمرين في العالم، نظرا لتربع محمد بن سلمان على قمة هرم السلطة، وللحملة الإعلامية التي رافقت اغتيال خاشقجي واحتجاز الأمراء ورجال الأعمال في فندق الريتز كارلتون، إضافة إلى استمرار حرب اليمن.
وبلغت مديونية المملكة 168 مليار دولار عام 2019، بينما كانت لا تتجاوز 12 مليارا خلال 2014، وإلى احتمال خطر وقوع تصادم بين أرامكو ومنظمة أوبك بسبب إمكانية رفض المستثمرين لسياسات المنظمة بشأن خفض الإنتاج، فضلا عن أن الصين خفضت استيرادها للنفط من أرامكو بنسبة 20 إلى 25% بسبب انتشار فيروس كورونا.