لا تقتصر اعتقالات آل سعود على العلماء والأكاديميين والمثقفين والمعارضين بل طالت أبناء معتقلي رأي يتحدثون عن ظروف اعتقالهم في سجون النظام والمطالبة بحريتهم.
وأقدمت سلطات آل سعود، مجددا، على اعتقال نجل الباحث حسن بن بفرحان المالكي، بسبب تغريدات تطرق فيها إلى ظروف اعتقال والده في سجون آل سعود.
وسبق أن اعتقلت ذات السلطات العباسي بعد نشره سلسلة تغريدات عن المعتقلين في سجون المملك.
منذ تسلم الملك سلمان الحكم، و ولي عهده محمد إتسعت دائرة القمع في #السعودية، وباتت لا تستهدف المعارضين فقط، بل تطال أسرهم في حال تحدّثوا عن الإنتهاكات داخل السجون.
اعتقل نجل الباحث حسن بن بفرحان المالكي، العباس @alabbas66 بسبب تغريدات تطرق فيها إلى ظروف اعتقال والده.
— مجتهد (@mejtahidd) July 27, 2020
يذكر أن حسن بن فرحان المالكي اشتهر بنقاشاته الدينية والفكرية على الساحة المحلية والإسلامية، وله عدة مؤلفات أثارت جدلًا في الأوساط الإسلامية، وأدت إلى تأليف عدد من الكتب ردًّا على كتاباته.
ووجهت سلطات آل سعود 14 تهمة بحقه كان من بينها “سبّ ولاة أمر هذه البلاد، وهيئة كبار العلماء، ووصفهم بالتطرف”، واتهام دول الخليج بدعم تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف بـ”داعش”، والإشادة بزعيم “حزب الله” اللبناني حسن نصر الله، والتعاطف مع جماعة الحوثي في اليمن
وكانت سلطات آل سعود شنّت حملة اعتقالات عنيفة ضد المنتمين لتيار الصحوة في مطلع شهر سبتمبر/ أيلول عام 2017، وسط تهديدات من ولي العهد محمد بن سلمان بسحق هذا التيار والقضاء على أتباعه، نظراً لما يمثله من عائق لوصوله إلى سدة الحكم في البلاد.
كما طالت الاعتقالات عددا من أبناء معتقلي الرأي لاحقا. وتواصل سلطات آل سعود سياستها بتأجيل جلسات المحاكمات لمعتقلي الرأي داخل سجون المملكة متعدة المماطلة والتسويف للضغط عليهم وإبقاء احتجازهم غير القانوني.
وتحرم السلطات أبناء معتقلي الرأي كحال أبائهم من حقهم في حضور الجلسات والرد على لائحة التهم التي تسلمها في سبتمبر/أيلول 2018.
وفي 2019 قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها إن سلطات آل سعود تحاكم الباحث حسن فرحان المالكي بهدف إعدامه، وإن النيابة العامة السعودية تسعى إلى إصدار عقوبة الإعدام عليه عبر تهم مبهمة تتعلق بأفكاره الدينية السلمية.
وأضافت أن من بين التهم التي يواجهها المالكي سبَّ ولاة الأمر في السعودية ووصفَ هيئة كبار العلماء السعودية بالتطرف.
وتابعت المنظمة أن التهم الموجهة له لا تشكل جرائم تبرر عقوبة الإعدام بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأوضحت أن النيابة السعودية ترفع تقاريرها مباشرة إلى الديوان الملكي السعودي، وأن محاكمة المالكي تتناقض مع تأكيد ولي العهد السعودي رغبته في إعادة البلاد إلى ما سماه بالإسلام المعتدل.
ومؤخرا قالت صحف غربية إن هناك مشهدا غير معهودا لسعوديين يتحدثون علنا عن الانقسامات العميقة داخل العائلة الملكية، وذلك في إشارة لما اعتبرته “تحركات نوعية” من عائلات معتقلي الرأي والناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين في سجون المملكة في واشنطن.
وأضافت أن الكثير من ممثلي عائلات معتقلي الرأي وحلفائها تواصلوا الأسابيع الماضية، مع محامين ومستشارين في العاصمة الأمريكية، بخصوص تنظيم “حملات” قانونية وأخرى للعلاقات العامة، من أجل وضع حد للاضطهاد السياسي في المملكة.
ووقع أحدهم مساعد سابق للأمير “سلمان بن عبدالعزيز بن سلمان آل سعود”، يوم الجمعة 15 مايو/أيار 2020، اتفاقية بقيمة 2 مليون دولار للاستعانة بخدمات “روبرت سترايك”Robert Stryk، وهي إحدى شركات الضغط في واشنطن ذات الصلة الوثيقة بدوائر السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، من أجل “مناصرة الإفراج” عن الأمير المعتقل، حسبما أوردت صحيفة “نيويورك تايمز“.
ووصلت هذه الجهود إلى حد بعث عائلات المعتقلين رسالة جماعية إلى الرئيس التنفيذي للدوري الممتاز لكرة القدم “بريميرليج”، “ريتشارد ماسترز”، بضرورة عدم السماح لـ”صندوق الاستثمارات العامة” (حكومي ويشرف عليه ولي العهد بن سلمان) بالمضي قدما في عملية الاستحواذ على نادي نيوكاسل الإنجليزي، بينما يقبع أحبابهم في سجون بالمملكة.
ويعزو مراقبون “التطور النوعي” لتحركات عائلات المعتقلين الأخيرة، باعتبار أن المسؤول الاستخباراتي السابق سعد الجبري هو “المتغير الخفي” الذي يقف وراء ذلك، بما يشير إلى وجود “تأثير تنظيمي داعم” قد يعود إلى ضابط الاستخبارات المقيم في كندا، بعد أن فر إليها من المملكة قبل 3 أعوام.
فقبل مارس/آذار الماضي، لم يكن فرار “الجبري” من المملكة قد تصدر اهتمام وسائل الإعلام الغربية بعد، لكن ضغط سلطات المملكة عليه عبر اعتقال نجليه سلط الضوء على حالته، وبالتزامن مع ذلك شهد نشاط المعارضين السعوديين، خاصة ذوي المعتقلين منهم، التطور سالف الذكر.
و”المتغير الخفي” نظرية فيزيائية بالأساس يطرحها بعض العلماء ليفسروا الطبيعة الإحصائية الاحتمالية لميكانيك الكم، فيما وجدها عدد من متابعي الشأن السعودي صالحة لتفسير تطور الحالة التنظيمية لذوي المعتقلين السعوديين بالخارج، في ظل خبرة “الجبري” وعلاقاته السابقة بوكالات الاستخبارات الأمريكية من جانب، وما يملكه من أوراق ووثائق يمكن أن يمثل تحرك ذوي المعتقلين جماعيا لكشفها عامل ضغط كبير على سلطة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.