كان من المفترض أن تكون قمة مجموعة العشرين، إشارة لعودة النظام السعودي بقوة إلى المسرح العالمي لكن جاءت القمة لتشكل خيبة آمال للنظام وتطلعاته.
فخططت المملكة الثرية لاستضافة قمة كبرى كان من شأنها أن تلقي مزيدا من الضوء على حملة الانفتاح الطموحة للحاكم الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان، الذي تلطخت سمعته الدولية بعد جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي عام 2018.
غير أنّ الوباء الذي جعل انعقاد القمة مستحيلا إلا عبر الفيديو، قوض آمال آل سعود إلى حد كبير.
وقال الباحث في ستراتفور للأبحاث الجيوسياسية رايان بوهل “سيكون مؤتمر مجموعة العشرين هذا العام مخيبا لآمال بالنسبة للسعودية لأن المؤتمر الافتراضي لن يستعرض التطورات في المملكة بالطريقة التي تأملها الرياض”.
وقد بدا أنّ بث الكلمة الافتتاحية للملك سلمان انطلق أبكر مما كان مخططا له، وسرعان ما توقف بعدما أدرك أحدهم ذلك وحذّر العاهل السعودي.
وظهر قادة العالم الآخرون في صور مصغّرة على شاشة واحدة حول صورة للملك سلمان، وبدا أن بعضهم يعاني من مصاعب تقنية. فقام أحد مساعدي الرئيس الصيني شي جينبينغ باستخدام جهاز تحكم عن بعد أمام كاميرا الشاشة، فيما كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يتناول مشروبا غازيا على ما يبدو.
وسرعان ما أدرك المسؤول في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أنجيل غوريا أن الاجتماع قد بدأ فقام بإبعاد هاتفه المحمول فورا.
وبدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تحتفل بمرور 15 عاما في السلطة الأحد، في وضع مريح تتابع الكلمة بتركيز عال، بينما انشغل ترامب بشيء ما فوق الطاولة أمامه، قد يكون هاتفه.
ويرى مدير ومؤسس “مجموعة العشرين للأبحاث” ومقرها كندا جون كيرتون أن “العالم الافتراضي يجعل التواصل التلقائي للقادة أكثر صعوبة، ويلغي اللقاءات الجانبية حول مواضيع غير مدرجة على جدول أعمال القمة”.
وغابت الطائرات الخاصة لكبار الشخصيات عن المطارات في المملكة، مما قلّل من البصمة الكربونية للحدث، إلى جانب عدم وجود مواكب للسيارات مما كان ليؤدي إلى توقف حركة السير في بعض مناطق الرياض.
ولم يؤت خط مترو جديد كان من المقرر افتتاحه في الرياض خلال القمة، ثماره كما كان مخططا له.
وأعاد عدم وجود صورة جامعة للزعماء التذكير بقيود فيروس كورونا المستجد على التنقل والتجمعات.
وكانت هذه الصورة والصور الجانبية الأخرى الحدث الأهم في بداية قمم مجموعة العشرين في السابق، بما في ذلك المصافحة الشهيرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في بوينس آيرس العام 2018. وبدلاً من ذلك تم عرض لقطة مركّبة للقادة على جدار في مدينة الدرعية التاريخية خلال حفل عشاء عشية القمة.
وبينما كانت الأنظار مركزة على الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتوقع المراقبون أن يسعى إلى استخدام المنصة لمهاجمة منافسه الفائز في الانتخابات الرئاسية جو بايدن، شارك ترامب لفترة وجيزة السبت في القمة وتحدّث عن “عمله المذهل”، قبل أن ينسحب من الجلسة ويتوجه إلى ناديه للعب الغولف، وتسلّم وزير الخزانة مكانه، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
وأكّد مصدر للوكالة أنّ ترامب “لم يقل كلمة واحدة على الصعيد الدولي”. وبحسب مصدر آخر، فإن ترامب قال لقادة الدول والمسؤولين “كان لي شرف العمل معكم وأتطلع إلى العمل معكم في المستقبل ولفترة طويلة”.
وفي غياب الصورة المشتركة لقادة مجموعة العشرين، زال احتمال تكرار حادثة العام 2017 التي شهدت قيام ترامب بدفع رئيس وزراء مونتينيغرو لتصدر وسط المجموعة.