فضائح السعودية

جدل في سويسرا بشأن بيع الأسلحة لنظام آل سعود

يتصاعد الجدل في سويسرا بشأن استمرار بيع أسلحة إلى نظام آل سعود في ظل ما يتورط بارتكابه من جرائم حرب بحق المدنيين في اليمن منذ أكثر من أربعة أعوام.

ووصفت الصحافية السويسرية المملكة الشريك الاقتصادي الرئيسي لسويسرا في الشرق الأوسط، بأنها بلد مثيرا للجدل بشكل خاص.

عندما أطلقت المملكة تحالفًا من تسع دول للتدخل في اليمن في عام 2015، أوقفت سويسرا صادراتها من الأسلحة إلى الرياض، لكن تم رفع الحظر في عام 2016، على الرغم من أن المملكة كانت ولازالت متورطة في حرب اليمن.

وتستثني السلطات السويسرية من لائحة التصدير قطع الغيار لأنظمة الدفاع الجوي، التي اشترتها المملكة بالفعل من سويسرا منذ الثمانينات وما بعدها. وتم فرض حظر مؤقت على تصدير الأسلحة إلى الرياض في العام الماضي بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لكن تم رفعه مرة أخرى في تموز/يوليو الماضي.

يقول تقرير صدر مؤخراً في صحيفة “تاغس أنتسايغر” إن المملكة استخدمت المدافع المضادة للطائرات المستوردة من سويسرا لمحاولة حماية حقل نفط الشيبة الرئيسي من هجوم بطائرات من دون طيار قام به متمردون حوثيون يمنيون في سبتمبر 2019.

ويشير التقرير إلى مصادر موثوقة، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية. ويجادل البعض بأن هذا كان دفاعًا شرعيًا، حيث تم استخدام الأسلحة على الأراضي السعودية وليس في اليمن.

وتم العثور على أسلحة سويسرية في اليمن الذي مزقته الحرب بعد أن استخدمتها المملكة في النزاع هناك، وفقًا لتقارير إعلامية حديثة.

وتساءل تقرير الصحيفة “كيف يمكن أن تجد هذه الأسلحة طريقها من سويسرا المحايدة، الدولة التي تشدّد على تقاليدها الإنسانية واحترامها لحقوق الإنسان، إلى مناطق الحروب والنزاعات؟”.

في العام الماضي، قامت الشركات السويسرية بتصدير معدات عسكرية حصلت على موافقة مسبقة من الحكومة إلى 64 بلدا بقيمة 510 مليون فرنك سويسري، وفقًا لأمانة الدولة للشؤون الاقتصادية (SECO).

لكن هذا الرقم لا يمثل سوى 0.17٪ من إجمالي الصادرات السويسرية، وتعتبر صناعة الأسلحة مهمة تقليديا لسويسرا، التي ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي أو الناتو، وتحتفظ بالخدمة العسكرية الإلزامية.

وتخضع صادرات الأسلحة السويسرية إلى قانون العتاد الحربي (WMA) والمراسيم المرتبطة به. وتتضمن الأهداف المنصوص عليها في هذا القانون “الوفاء بالتزامات سويسرا الدولية واحترام مبادئ سياستها الخارجية” و”الحفاظ على قدرة صناعية داخليا تتكيف مع متطلبات الدفاع الوطني”. وهكذا يعكس هذا القانون فعلا توازنا دقيقا ومثيرا للجدل.

ينص القانون على ضرورة حصول الشركات على ترخيص من أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية (SECO) لتصدير الأسلحة والمعدات التي يمكن استخدامها في أماكن النزاعات. وتتم مراجعة طلبات الترخيص من قبل الوزارات الأخرى، ولا سيما وزارة الخارجية، حسب الحالة.

وتنص المادة 5 من القانون على أنه لا ينبغي منح ترخيص تصدير إذا كان بلد المقصد متورطًا في نزاع مسلح داخلي أو دولي؛ وإذا كان ينتهك حقوق الإنسان “بطريقة منهجية وخطيرة”؛ وإذا بدا أن هناك احتمالا لاستخدام الأسلحة المصدرة ضد المدنيين؛ أو إذا كان هناك “خطر كبير في أن تتم إعادة تصدير هذه الأسلحة إلى مستلم نهائي غير مرغوب فيه”.

وإذا ما حصل خلاف بين الوزارات المعنية، ترفع أمانة الدولة الحالة إلى الحكومة الفدرالية التي تقوم بالبت في الموضوع، ويكون لها القول الفصل.

لكن البرلمان خفّف القواعد المعمول بها في أواخر عام 2014، ولا سيما تقديم استثناء للنقطة الثانية المتعلقة بمنتهكي حقوق الإنسان، والتي بموجبها أصبح “يجوز منح ترخيص إذا كان هناك خطر محدود في أن تُستخدم معدات الحرب المصدرة لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان”. ويظل تفسير المادة 5 موضوع نقاش.

أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية تتمتع بسلطة إجراء عمليات الفحص على عين المكان لدى مصنعي العتاد الحربي السويسري أو تفتيش ناقلات المشترين في الخارج (عمليات التحقق بعد الشحن). لكن تقريرًا صادر عن المكتب الفدرالي لتدقيق الحسابات (FAO)، والذي يغطي عام 2016، وجد أنه من السهل انتهاك القواعد المضمّنة في لوائح تصدير الأسلحة وأن السلطات السويسرية توافق على جميع طلبات تصدير العتاد الحربي التي تصلها تقريبا.

وفي تقريرها، الذي تم تسريب نسخة منه إلى الصحافة، قدم المكتب الفدرالي لتدقيق الحسابات (FAO) أمثلة لما يسمى “فرص التصدير البديلة”، مثل قطع غيار المسدس التي وصلت إلى المملكة بعد مرورها بالولايات المتحدة. كما يمكن للشركات أيضًا أن تتجنب التدقيق الشديد من خلال القول إن الأسلحة مخصصة للاستخدام المدني.

وكانت أكبر ثلاث دول مستوردة للأسلحة السويسرية في عام 2018 هي ألمانيا والدنمارك والولايات المتحدة، وفقًا لأمانة الدولة للشؤون الاقتصادية.

كما ذهبت صادرات الأسلحة المصرح بها إلى دول مثل باكستان وإسرائيل وبلدان الشرق الأوسط المشاركة في حرب اليمن، بما في ذلك المملكة والإمارات العربية المتحدة.

وحسب الصحيفة فإن هناك قلق من أن صادرات الأسلحة السويسرية إلى البلدان المتورطة في نزاعات داخلية أو خارجية في ازدياد. هناك أيضًا تقارير تفيد بأن الأسلحة السويسرية تجد طريقها إلى بلدان مثل سوريا وليبيا واليمن، على الرغم من أن هذا محظور.

ووسط ضغوط من الرأي العام، تراجعت صادرات الأسلحة السويسرية في السنوات الأخيرة بعد أن بلغت أرقاما قياسية في عام 2011 (873.7 مليون فرنك سويسري)، وفقًا لأمانة الدولة للشؤون الاقتصادية.

وتقول الشركات إن القواعد المتشددة أضعفت قدراتها التنافسية مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، وقد تم الضغط من أجل لوائح أكثر ليونة. لكن قرار الحكومة في عام 2018 بتخفيف القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة إلى البلدان التي تشهد صراعات أثار معارضة من يسار الوسط والمجتمع المدني، واضطرت الحكومة في النهاية إلى التراجع.

جمع المدافعون أيضًا توقيعات كافية لفرض تصويت شعبي على مبادرة من شأنها تشديد قواعد تصدير العتاب الحربي. إنهم يريدون تنظيم صادرات الأسلحة بشكل صحيح ومكرس في القانون، وبالتالي إعطاء البرلمان حق الحسم في الموضوع بدلاً من تركها لمراسيم الحكومة. وبالنظر إلى النظام السويسري الذي يسمح بالتشاور والاقتراحات المضادة، فمن غير المتوقع إجراء هذا الاقتراع قبل عام 2021.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى