فضائح السعودية

معهد أمريكي: تحديات تاريخية وتوترات متصاعدة داخل العائلة المالكة في السعودية

سلط معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط الضوء على ما تواجه العائلة المالكة في السعودية من تحديات تاريخية وتوترات متصاعدة.

وقال المعهد في مقال كتبه الباحث المختص بالقضايا السعودية سايمون هندرسون، إنه قد يكون الاحتفال الأول بيوم تأسيس السعودية، في 22 شباط/فبراير، مصحوباً بتغييرات أخرى.

وذكر هندرسون أنه منذ أن اعتلى الملك سلمان العرش في عام 2015، ولا سيما منذ أن أصبح نجله المفضّل محمد بن سلمان البالغ من العمر ستة وثلاثين عاماً ولياً للعهد في عام 2017، كان الموضوع الأساسي للتغيير السياسي في السعودية هو زيادة النزعة القومية وتخفيف النزعة الدينية.

ورافقت هذا التوجه بشكلٍ موازٍ مسألة الوقت الذي سيتخلى فيه الملك سلمان – البالغ من العمر ستة وثمانين عاماً، والذي تتدهور صحته – عن أحد أدواره الثلاثة الحالية على الأقل وهي: خادم الحرمين الشريفين في مكة والمدينة المنورة، والملك، ورئيس الوزراء.

ويدير بالفعل محمد بن سلمان البلاد بشكلٍ يومي، على الرغم من استمرار والده في ترؤُّس الاجتماعات الأسبوعية لمجلس الوزراء.

ولكن تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي كو بايدن يرفض التواصل المباشر مع محمد بن سلمان، ويعود ذلك على ما يبدو إلى ارتباط ولي العهد بمقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018.

لقد كان التطور الأخير الذي حدث في السعودية في غاية الأهمية، وهو لا يقلّ شأناً عن قرار الولايات المتحدة بالاستقلال في عام 1776.

فقد اعتاد العلماء منذ عدة سنوات أن يصفوا الأصول التاريخية للسعودية على صعيد التحالف بين الزعيم القبلي محمد بن سعود، الذي حكم المنطقة المحيطة ببلدة الدرعية في وسط شبه الجزيرة العربية، والداعية الإسلامي محمد بن عبد الوهاب الذي التمس اللجوء في عام 1745 بعد فراره من القرى المجاورة بسبب دعوته إلى الأصولية الإسلامية منتقداً الممارسات المحلية.

وأصبح الرجلان حليفيْن ووضعا معاً خطة للدمج بين الزعامة القبلية والشجاعة القتالية اللتين تمتع بهما محمد بن سعود والتعصب الديني لدى عبد الوهاب من أجل إعلان الجهاد وغزو شبه الجزيرة العربية وتطهيرها.

وعزز هذه العلاقة التزاوج بين العائلتين الذي شمل اقتران محمد بن سعود بإحدى بنات عبد الوهاب. واعتُبر هذا التحالف بداية لما أصبح يُعرف بالدولة السعودية الأولى.

ولكن الآن، ووفقاً لمرسومٍ أصدره الملك سلمان في 27 كانون الثاني/يناير، أُعلن عن تأسيس الدولة السعودية الأولى في عام 1727، أي قبل ثمانية عشر عاماً من هروب عبد الوهاب إلى الدرعية.

ويشير عام 1727 إلى تاريخ تولي محمد بن سعود الزعامة المحلية بعد وفاة والده سعود بن محمد. ونشرت الصحيفة السعودية اليومية “عرب نيوز” الصادرة باللغة الإنكليزية في 31 كانون الثاني/يناير، مقالاً وصَف الأبحاث الموسَّعة التي أجراها المؤرخون السعوديون لدعم أهمية التاريخ الجديد.

ويصف المقال الدرعية، التي أصبحت الآن موقعاً تاريخياً في الطرف الشمالي الغربي للعاصمة السعودية الحديثة، الرياض، على أنها كانت آنذاك مدينة – دولة بحدّ ذاتها، ويقول إن محمد بن سعود كان مصمماً على تحويلها إلى أمة – دولة و”إحلال السلام والوحدة في شبه الجزيرة العربية الأوسع نطاقاً…”.

وعلى الرغم من أن الحكومة السعودية ربما لا تعيد كتابة التاريخ بالكامل، إلّا أنه من المؤكد أنها تعمل على تعديله.

وترد على الموقع الإلكتروني التابع للسفارة السعودية في العاصمة واشنطن، الذي تم الاطلاع عليه في 29 كانون الثاني/يناير، السطور التالية حول تاريخ الدولة السعودية الأولى: “عقدَ محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود اتفاقاً من أجل تكريس نفسيهما لإعادة التعاليم الإسلامية النقية إلى المجتمع المسلم.

ومن هذا المنطلق، أسس بن سعود الدولة السعودية الأولى، التي ازدهرت في ظل الإرشاد الروحي الذي قدّمه بن عبد الوهاب، المعروف ببساطة بلقب الشيخ”.

وبحلول التاسع من شباط/فبراير، أصبح هذا الجزء نفسه من الموقع الإلكتروني: “ومن هذا المنطلق، أسس بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1727، التي ازدهرت في ظل الإرشاد الروحي الذي قدّمه بن عبد الوهاب، المعروف ببساطة بلقب الشيخ”.

ولن يشكّل اليوم الجديد لتأسيس السعودية الذي يصادف في وقتٍ لاحقٍ من هذا الشهر عيداً وطنياً. فلا يزال يوم العيد في 23 أيلول/سبتمبر من كل عام.

ولكن عبر اختيار عام 1727 كتاريخ نشأة الدولة السعودية الأولى، يُضعف الملك سلمان ونجله ولي العهد محمد بن سلمان الدور التاريخي للمؤسسة الدينية الوهابية – التي غالباً ما اعتُبرت شريكة حليفة لآل سعود إلى أن أصبح سلمان ملكاً – وإن كانت حليفة صغيرة.

ووفقاً للحسابات السعودية، تأسست ثلاث دول سعودية حتى الآن. ودامت الأولى حتى عام 1818، عندما احتل العثمانيون الدرعية، وأعدموا الحاكم في ذلك الوقت، ابن حفيد محمد بن سعود.

واستمرت الدولة السعودية الثانية من عام 1824 إلى عام 1891، عندما أُجبِر الحاكم على الهرب إلى ما يُعرف اليوم بالكويت، مع ابنه عبد العزيز البالغ من العمر أحد عشر عاماً.

وبعد أحد عشر عاماً، قاد عبد العزيز نفسه مجموعة صغيرة في هجومٍ على الرياض وسيطر عليها. بعد ذلك أمضى عبد العزيز، والد الملك سلمان الحالي، ثلاثين عاماً في غزو شبه الجزيرة العربية، ورافقته جزئياً قوات الصاعقة الدينية المعروفة بالإخوان، قبل تأسيسه المملكة في عام 1932 وإعلان نفسه ملكاً.

وعلى الرغم من المزاعم التي تقول إن المحافظة على استمرارية حُكم آل سعود كانت عملية بسيطة، تَعيّن على هذا الحُكم إظهار براعة هائلة في التعامل مع التحديات التاريخية والتوترات داخل العائلة المالكة.

ففي عام 1982، أصدر الملك فهد، وهو الشقيق الأكبر للملك سلمان، قانوناً أساسياً فاجأ ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله، إذ أعلن فيه أنّ العاهل السعودي هو مَن يمنح صفة ولي العهد التي هي ليس حقاً لعبد الله.

وعندما أصبح عبد الله ملكاً في عام 2005، أنشأ “هيئة البيعة” لزيادة عدد كبار الأمراء المعنيين بمبايعة الملك الجديد.

ومنذ أن أصبح سلمان ملكاً في عام 2015، انخرط، بدعمٍ من محمد بن سلمان، في تنفيذ تكتيكات قاسية لإبعاد الخصوم.

ويُحتجَز حالياً وليُّ عهدٍ ووليُّ ولي عهدٍ في سجنيْن ملكييْن خاصيْن، كان عبد الله قد اعتبرهما ملكيْن مستقبلييْن محتمليْن. ووفقاً لبعض التقارير تَعرّضَ أحدهما للتعذيب من خلال تعليقه من كاحلَيه.

وزادت التوقعات بأن الثاني والعشرين من شباط/فبراير سيشهد المزيد من الإعلانات الجديدة مع عودة الملك سلمان إلى الرياض بعد أن فرض عليه وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) إمضاء عامَين في أحد قصور نيوم، المدينة المستقبلية التي يتم بناؤها على الساحل الشمالي للبحر الأحمر.

ومؤخرا غاب محمد بن سلمان عن حضور افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، بسبب “تضارُبٍ في جدول الأعمال” لم يتم تحديد ماهيته.

وقد تؤدي التغييرات المحتملة التي تزيد من إضعاف روابط ولي العهد بالإسلام الأصولي إلى معارضة هذه التغييرات، إما من قبل أفراد آخرين من العائلة المالكة أو من قبل زعماء دينيين أو الاثنين معاً.

ويشعر أفراد العائلة الآخرون بالاستياء من تهميشهم، كما قوّضت تكتيكات محمد بن سلمان بانتظام المؤسسة الدينية التي كانت تتلقى في الماضي تمويلاً كبيراً.

وبالإضافة إلى ذلك، قد يشعر البعض أن هذه هي الفرصة الأخيرة لمنع محمد بن سلمان من أن يصبح ملكاً. ويُتوقَّع أيضاً أن يتخذ الديوان الملكي بعض الإجراءات لإيقاف مثل هذه المعارضة.

وبالنسبة للولايات المتحدة، قد تعني هذه التغييرات والتوترات العالمية أن الوقت قد حان للتعاطي بشكلٍ أكثر مباشرة مع محمد بن سلمان.

لكن في مكالمة هاتفية في 9 شباط/فبراير، تحدث الرئيس بايدن فقط مع الملك سلمان حول شؤون الطاقة وإيران واليمن.

وعلى موقع السفارة السعودية على الإنترنت، تم إدراج جميع الملوك ابتداءً من عبد العزيز تحت عنوان “الزعماء السعوديون” في لائحة تتضمن سيرهم الذاتية. وتم إدراج اسم الأمير محمد بن سلمان أيضاً ضمن هذه اللائحة، لكنّ الرابط إلى سيرته الذاتية لم يبصر النور بعد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى