فضائح السعودية

نظام آل سعود يستجدي ألمانيا: نحن بحاجة لوسائل دفاعية

دعا وزير الخارجية في نظام آل سعود فيصل بن فرحان آل سعود الحكومة الألمانية إلى إنهاء وقف تصدير السلاح إلى المملكة احتجاجا على حرب اليمن وجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي قبل أكثر من عام.

وصرح بن فرحان في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية نشرت أنه يأمل “أن تفهم ألمانيا أننا نحتاج إلى وسائل للدفاع عن أنفسنا”، مشيرا إلى الهجمات التي تعرضت لها منشآت نفطية في السعودية العام الماضي، محملا إيران مسؤوليتها.

وأضاف أن استمرار الحكومة الألمانية رغم ذلك في عدم إصدار تصاريح بتوريد أسلحة للمملكة يعد أمرا غير ملائم في إطار العلاقات الجيدة التي تربط بين البلدين.

يذكر أن طرفي الائتلاف الحاكم الألماني المكون من التحالف المسيحي المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي اتفقا في مارس/آذار 2018 في معاهدة الائتلاف على وقف تصدير أسلحة للدول المشاركة “بصورة مباشرة” في حرب اليمن، والتي من بينها المملكة.

ورغم ذلك ترك الاتفاق العديد من الأبواب الخلفية التي يمكن من خلالها توريد أسلحة إلى هذه الدول.

ولم تتخذ الحكومة الألمانية قرارا بوقف كامل لتصدير أسلحة للمملكة -بما في ذلك الصفقات التي أصدرت تصاريح بشأنه- إلا بعد ذلك بنحو ستة أشهر عقب مقتل الصحفي السعودي في قنصلية بلاده بإسطنبول جمال خاشقجي.

ومددت الحكومة هذا الوقف مرتين، وسينتهي في 31 مارس/آذار المقبل، وهذا يعني أنه سيتعين على الحكومة الألمانية اتخاذ قرار جديد بشأن التمديد أو الإلغاء في غضون الأسابيع الستة المقبلة.

وقال بن فرحان “نحن في منطقة صعبة”، مضيفا أنه من المهم لذلك أن تتمكن السعودية من الدفاع عن نفسها، وقال “نأمل أن تفهم الحكومة الألمانية ذلك”، مشيرا إلى أن هناك شراكة إستراتيجية بين ألمانيا والمملكة.

يذكر أن غارة جوية بطائرات مسيرة وصواريخ كروز قصفت في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي منشأتين للنفط تابعتين لمجموعة أرامكو السعودية، مما أدى إلى اضطراب في سوق النفط لفترة قصيرة وتصعيد التوترات في النزاع الخليجي.

ورجحت الولايات المتحدة في أعقاب الهجوم تورط إيران فيه، كما حملت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إيران المسؤولة عن هذا الهجوم. وأعلن الحوثيون في اليمن المدعومون من إيران سريعا مسؤوليتهم عن الهجوم.

وقبل يومين كشف تقرير دولي تبديد نظام آل سعود مليارات المملكة في صفقات السلاح سعيا لتعزيز علاقاتها مع الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

وأظهر التقرير السنوي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن النفقات العسكرية العالمية ارتفعت بنسبة 4 بالمئة في 2019، في أكبر زيادة تسجل منذ نحو عشر سنوات.

وقال مدير المعهد، جون شيبمان، عند تقديمه التقرير على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ، إن “هذه النفقات ارتفعت مع خروج الاقتصادات من الأزمة المالية في 2008”.

وتصدرت الولايات المتحدة الأميركية بـ 685 مليار دولار، والصين بـ 181 مليار دولار. وقد سجل البلدان معا ارتفاعا بنسبة 6.6 بالمئة في 2019، مقارنة بـ 2018.

وحلت المملكة في المرتبة الثالثة بمبلغ قياسي وصل إلى 78.4 مليار دولار، لتقفز في القائمة على حساب دول كبيرة مثل روسيا والهند وبريطانيا وفرنسا واليابان وألمانيا.

وتحتل المملكة المركز الأول بين دول العالم الأكثر استيراداً للسلاح، في حين أن الولايات المتحدة تتصدر الدول المصدرة للسلاح.

وبحسب ما ذكر معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبيري”، في مارس 2019، فإن الولايات المتحدة صدَّرت أكثر من ثلث الأسلحة العالمية خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعزز دورها كأكبر بائع للأسلحة في العالم.

وقال المعهد في تقريره إن أكثر من نصف المبيعات الأمريكية ذهبت إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث حصلت المملكة وحدها على 22% من إجمالي المبيعات الأمريكية.

وقال أيضاً إن المملكة كانت أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال هذه الفترة؛ حيث استحوذت على 12% من الواردات العالمية.

وتملك المملكة 848 طائرة عسكرية؛ منها 244 طائرة مقاتلة اعتراضية، و325 طائرة هجومية، و49 طائرة نقل عسكرية، إضافة إلى 207 طائرات تدريب عسكري، فضلاً عن 254 مروحية عسكرية، و34 طائرة مروحية هجومية.

كما تمتلك 1062 دبابة، و11100 مركبة قتالية مصفحة، إلى جانب 705 مدافع ذاتية الدفع، و1818 مدفعية مقطورة، في حين يبلغ عدد منصات إطلاق الصواريخ 122 فقط.

وفي هذا الإطار ذكرت مجلة “ناشينال إنترست” الأمريكية، في نوفمبر 2017، أن السعودية تمتلك مقاتلات “إف 35″، التي تستطيع تنفيذ هجمات جوية على أهداف بعيدة عن السعودية بدقة عالية دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود.

وأشارت إلى أن الرياض لديها قنابل “بيف واي 5” دقيقة التوجه، التي يزيد وزنها على 200 كيلوغرام، وحصلت عليها من بريطانيا التي تستخدمها قواتها الجوية، وتعد من أكثر القنابل تطوراً، ويُمكن لمقاتلات “إف 15” أن تحمل أعداداً كبيرة منها.

وبحرياً تمتلك الرياض 55 قطعة بحرية عسكرية فقط، وليس لديها أي غواصة أو حاملة طائرات أو مدمرات، بحسب بيانات الموقع العسكري المتخصص.

ولدى المملكة 7 فرقاطات، و3 سفن كاسحات الألغام، و4 طرادات سفن حربية كبيرة، و9 سفن دوريات، و4 موانئ رئيسية، في حين يصل عدد قطع الأسطول البحري التجاري إلى 357.

وقد تحولت المملكة بسبب إقبالها المفرط على شراء السلاح إلى مطمع لشركات السلاح في العالم، وسوق مغرية لبيع صناعاتهم فيها.

يقول تقرير نشره معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، في مارس الماضي، إن ارتفاع مشتريات السعوديين من السلاح يرجع إلى تشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي يقوده نظام آل سعود منذ مارس 2015.

وأوضح المعهد أن الولايات المتحدة وبريطانيا هما أكبر موردين للأسلحة إلى الرياض، وضاعفت ألمانيا صادراتها من 14 مليون دولار إلى 105 ملايين دولار.

في حين ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، في تقرير نشر نهاية 2018، أن قيمة الصادرات الفرنسية من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية بلغت 174 مليون دولار في عام 2015، ولكنها انخفضت إلى 91 مليون دولار في عام 2016، و27 مليون دولار في 2017.

وتراجعت قيمة الصادرات الإسبانية بشكل كبير في تلك الفترة، لكن الحكومة أكدت أنها ستمضي قدماً في صفقات الأسلحة التي كانت قد اقترحت من قبل أن تجمدها.

وقال بيتر وايزمان، باحث كبير في نقل الأسلحة وبرنامج الإنفاق العسكري بمعهد استوكهولم لأبحاث السلام: “حاولت روسيا بقوة خلال السنوات العشر إلى الـ15 الماضية الدخول إلى سوق الأسلحة السعودي الكبير، لكنها لم تنجح. فقد حصلت المملكة على بنادق روسية، لكن مثل تلك الصفقات كانت صغيرة للغاية”.

وأضاف ويزمان: “حققت الصين بعض الإنجازات الكبيرة في سوق السلاح السعودي، خاصة بيع الطائرات المسلحة بلا طيار”.

ورغم الترسانة الضخمة التي تملكها الرياض يُدرك الإنسان العادي داخل المملكة أنها “لا تنفع في أي شيء”، وهو ما كشفه بوضوح الهجوم على منشآت النفط في سبتمبر الماضي، الذي شكل بالنسبة إلى السعودية “فضيحة كبرى”، كما قال خبير الشرق الأوسط ميشائيل لودرز، في حديثه لشبكة “دويتشه فيله” الألمانية التي وصفت السعودية بـ”المملكة المُجهدة”.

وأشار إلى أن المملكة هي أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية؛ لكن في الوقت عينه بواسطة 10 طائرات مسيرة فقط، يمكن إنتاجها ببساطة نسبية أو شراؤها، تمكّن الحوثيون أو أي طرف آخر غيرهم من ضرب قلب إنتاج النفط السعودي.

ورغم النفقات العسكرية الضخمة، التي تضاعفت منذ قدوم محمد بن سلمان على رأس وزارة الدفاع ومن ثم ولاية العهد، فإن ذلك ليس ضمانة لقوة الردع العسكرية، ويتضح هذا في الحرب التي شنتها السعودية، منذ مارس 2015، على اليمن ولا تزال دائرة حتى الآن “بدون أي إنجاز حقيقي”.

وبعد مرور أكثر من 4 سنوات على الحرب اليمنية، اعتمدت الرياض في خضم صراعها مع الحوثيين على الضربات الجوية فحسب، ما تسبب بسقوط آلاف القتلى والجرحى من اليمنيين، وتهجير عشرات الآلاف، ودمار وخراب في كل مكان، واتهامات للسعودية بارتكاب جرائم حرب.

في الجهة المقابلة كثف الحوثيون من إطلاق صواريخ عبر الحدود مع السعودية، وشنوا هجمات بواسطة طائرات مسيرة، مستهدفين قواعد عسكرية جوية ومطارات سعودية ومنشآت أخرى، مؤكدين أن ذلك يأتي “رداً على غارات التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة باليمن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى